في أول يوم من شهر يناير سنة ١٩٣ اجتمع مجلس الشيوخ بعد ساعات قليلة من اغتيال كمودس، في نشوة البهجة والغبطة واختار للجلوس على عرش الإمبراطوريّة عضواً من أجلْ أعضائه واجدرهم بالاحترام، استطاع بإدارته العادلة وهو حاكم للمدينة أن ينهج منهج الأنطونيين ويواصل أحسن تقاليدهم. وقبل برتناكس Pertinax، وهو كاره، هذا المنصب الخطير الذي يرفع صاحبه إلى مكانة سامية إذا سقط منها هوى إلى الدرك الأسفل. ويقول فيه هيروديان (١) إنه "سلك سلوك الرجل العادي"، فكان يستمع إلى محاضرات الفلاسفة، ويشجع الآداب؛ وقد ملأ خزائن الدولة بالمال، وخفّض الضرائب، وباع بالمزاد كل ما ملأ به كمودس القصر الإمبراطوري من ذهب وفضة، وأقمشة مطرزة وحرير، وجوارٍ حسان. وفي ذلك يقول ديوكاسيوس: "والحق أنه فعل كل ما يجب على العاهل الصالح أن يفعله (٢). وائتمر المعاتيق الذين فقدوا بفضل سياسته الاقتصادية ما كان يعود عليهم من النفع مع الحرس البريتوري الذي ساءه عودة النظام. وفي الثامن عشر من شهر مارس اقتحم ثلثمائة من الجنود