للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبواب القصر وقتلوه، وحملوا رأسه إلى المعسكر على طرف رمح، وحزن الشعب ومجلس الشيوخ عليه وتوارى أعضاؤه عن الأنظار.

وأعلن قواد الحرس أنهم سيضعون التاج على رأس الروماني الذي يمنحهم أكبر عطاء. وأقنعت دديوس جليانس Didius Julianus زوجته وابنته بأن يغادر مائدة الطعام ويعرض على زعماء الحرس عطاءه، فسار إلى المعسكر، حيث وجد منافساً له يعرض خمسة آلاف درخمة (٣٠٠٠ ريال أمريكي) هبة لكل جندي ثمناً لعرش الإمبراطوريّة. وصار سماسرة الحرس ينتقلون من مثر إلى آخر، يشجعونهم على زيادة العطا، فلما أن وعد جليانس كل جندي بـ ٦٢٥٠ درخمة أعلن الحرس اختياره إمبراطوراً.

وثارت ثائرة أهل روما لهذه المذلة المنقطعة النظير، فأهابوا بالفيالق الرومانية المعسكرة في بريطانيا، وسوريا، وبنونيا أن تزحف على روما وتخلع جليانس. وغضبت هذه الفيالق لأنها حرمت من العطاء، فأخذ كل منها ينادي بقائده إمبراطوراً، وزحفت كلها على روما. وتفوق لوسيوس سبتميوس سفيرس جيتا Lucius Septimius Severus Geta قائد جيوش بنونيا على جميع القواد بفضل جرأته وسرعته، وما قدمه من رُشا. وقطع على نفسه عهداً أن يهب كل جندي ١٢٠٠٠ درخمة حين يجلس على العرش؛ وزحف بهم من بلاد الدانوب حتى صار على بعد سبعين ميلاً من روما في شهر واحد؛ واستمال إليه الجنود الذين أُرسلوا لصده، وأخضع الحرس البريتوري بأن عرض عليهم أن يعفو عنهم إذا أسلموا إليه قوادهم، وخالف جميع السوابق بدخوله العاصمة ومعه جنود بكامل سلاحهم، ولكنه أرضى المستمسكين بالتقاليد القديمة بأن لبس ثياب المدنيين. وعثر طربيون على جليانس يبكي في قصره من هول تلك الحوادث، فأخذه إلى حمّام وقطع رأسه (٢ يونية سنة ١٩٣).

وكانت أفريقية في هذه الأثناء تهب المسيحية أعظم المدافعين عنها؛ وقد وُلد