وشرع الآن يحكم حكماً رحيماً أكثر مما كان يحكم في أيام شبابه، وكان وقتئذ قد بدأ العقد الرابع من عمره، ولكن الناس كانوا سريعي النضوج في أيام النهضة ذات الأحداث التي تعجل النضوج، ولم يكن لورندسو وسيما، فقد كان أنفه الكبير الأفطس يشرف على شفته العليا، ثم يعود فيتجه نحو الخارج اتجاهاً عجيباً. وكان أدكن اللون، وكانت جبهته الصارمة وفكه الثقيل ينمان عن غير ما يبدو من دماثة أخلاقه، ورقة أدبه ومجاملته، وحلو فكاهته، وعقله المرهف الشاعري. وكان طويل القامة، عريض المنكبين، قوي البنية، أشبه برجال الرياضة منه برجال السياسة والحكم، والحق أنه قلما كان يفوقه أحد في ألعاب القوة. وكان في سيره وجلوسه مهيباً إلى الحد الذي لا غنى له عنه في منصبه السامي، أما في حياته الخاصة فإنه سرعان ما يجعل أصدقاءه ينسون سلطانه وثراءه. وكان كابنه ليو العاشر يستمتع بأعظم الفنون دقة، وأكثر المهرجين سذاجة، وكان فكها مع يلتشي Pulci، شاعراً مع بولتيان Politian عالماً مع لندينو Landino فيلسوفاً مع فيتشينو Ficino، يتذوق جمال الفن مع بتيتشلي Botticelli، موسيقياً مع اسكوار تشيالوبي Squarchialupi، مرحاً مع اشد الناس مرحاً في أيام الأعياد. كتب مرة إلى فيتشينو يقول:(إذا ما اضطرب عقلي بكثرة الأعمال العامة وصخبها، واستكت مسامعي بصراخ المواطنين المشاكسين، فكيف أطيق ذلك الخصام والنزاع إذا لم أجد الراحة في العلم"؟ - ويقصد بالعلم طلب المعرفة على اختلاف أنواعها (٤).
بيد أن اخلاقه لم تكن مضرب المثل في الكمال كما كان عقله، ذلك أنه