وقرب الأباطرة، الطبقة البرجوازية التجارية، لتجد من غلواء البارونات، فحكم هؤلاء التجار البلديات تماماً، حتى صارت دار البلدية في كثير من الأحيان، هي بعينها الغرفة التجارية. وضعف سلطان النقابات المهنية وأخضعت للقواعد التي تضعها المجالس البلدية تحديداً للأجور، ومنعت من العمل المشترك، وتحول العمال الحاذقون للمهن، المعتزون بخبرتهم، هنا، كما حدث في إنجلترا وفرنسا إلى عمال يدويين بلا حول ولا قوة. وحلول العمال الثورة حيناً بعد حين. وفي عام ١٣٤٨ استولى عمال مدينة نورمبرج على المجلس البلدي وحكموا المدينة مدة عام، ولكن جنود الإمبراطور أعادوا التجار الأشراف إلى السلطة. وصدر في بروسيا عام ١٣٥٨ مرسوم يقضي بصلم أذن، كل عامل يضرب عن العمل. واندلعت ثورات الفلاحين في الدنمرك (١٣٤٠، ١٤٤١)، وسكسونيا وسيلزيا برندنبرج وأراضي الرين (١٤٣٢) والنويج والسويد (١٤٢٤)، ولكن هذه الثورات كانت منحلة العرى في التنظيم فلم ينتج عنها غير أعمال عنف عارضة. وانتشرت الأفكار الثورية في المدن والقرى. ولقد كتب عام ١٤٧٨ متطرف مجهول، رسالة يعرض فيها "إصلاحاً يقوم به القيصر سيجيسموند" وهو شخصية خيالية، ذلك على أسس اشتراكية. وهكذا مهد المسرح ببطء لحرب الفلاحين عام ١٥٢٥.
[٢ - إقرار النظام]
النظام أبو الحضارة والحرية، والفوضى هي القابلة التي تولد الدكتاتورية، من ثم فإن التاريخ يمتدح حيناً بعد حين الملوك. وكانت وظيفتهم في القرون الوسطى أن يحرروا الفرد من السيطرة المحلية وأن يركزوا في يد واحدة، سلطة التشريع والقضاء والعقاب وإصدار السكة وإعلان الحرب. وتباكى البارون الإقطاعي على فقدان الاستقلال المحلي. بيد أن المواطن