أن اليهود يقدمون لنا مشهداً عجيباً. فقد ماتت قوانين صولون، ونوما، وليكورجوس؛ أما شرائع موسى، الأقدم بكثير، فما زالت حية. وقد بادت أثينا، واسبرطة، وروما، ولم تترك خلفاً على الأرض، أما صهيون التي دمرت فلم تفقد بينها؛ فقد احتفظوا بكيانهم، وهم يتكاثرون، وينتشرون في أرجاء العالم … وهم يخالطون كل الشعوب دون أن يذوبوا فيها (١)؛ وليس لهم حكام، ومع ذلك فهم دائماً شعب".
وربما كان بقاء ناموس راجعاً لا لحكته الأصلية بقدر جدواه في حفظ النظام والاستقرار بين جماعات تعيش في خطر وسط عقائد معادية وشرائع أجنبية. ففي الشتات كان على الكنيس (المجمع) أن يقوم بما تقوم به الكنيسة والحكومة، وربط الحاخامات بين أفراد شعبهم في وحدة متماسكة خلال جميع التقلبات والغير بإعطائهم بركة إيمان ديني فخور لناموس نظم كل منحى من مناحي الحياة اليهودية وأصبحت الأسفار الموسوية الخمسة الدستور-وأصبح التمود المحكمة العليا-لدولة غير منظورة.
وفقد العداء لليهودية بعض قواعده الدينية باضمحلال الاعتقادات السنية. وقد عرف المسيحيون ممن ألموا بطرف من التاريخ أن كل شعب تقريباً من الشعوب المسيحية، في فترة أو أخرى، اضطهد المهرطقين بالقتل