إننا لا نتصور بسهولة يوزف الثاني موسيقياً وهو الرجل المتأهب للمعارك ومع ذلك يقال لنا أنه تلقى "تعليماً موسيقياً دقيقاً شاملاً" إنه كان صاحب صوت جهير رخيم، وكان يستمع إلى حفلة موسيقية كل يوم تقريباً، وكان عازفاً ماهراً على الفيولنشللو والفيولة والكلافير (١). وكان كثير من النبلاء موسيقيين، وأكثر منهم رعاة للموسيقى، وحذت الطبقة الوسطى حذوهم، فكان في كل بيت بيان قيثاري "هاربسيكورد" وتعلم كل إنسان أن يعزف على آلة موسيقية، وعزفت الثلاثيات والرباعيات في الشوارع، والحفلات الموسيقية في المتنزهات ومن زوارق مضاءة على قناة الدانوب في عيد القسيس يوحنا. وازدهرت الأوبرا في البلاط وفي مسرح الأوبرا الذي أنشأه يوزف الثاني في ١٧٧٨.
وارتقت فيينا إلى مقام الصدارة في مطالع القرن التاسع عشر بوصفها العاصمة الموسيقية لأوربا لأنه جمعت في أخريات القرن الثامن عشر بين تقاليد ألمانيا وإيطاليا الموسيقية المتنافسة. فمن ألمانيا جاءت البوليفونية، ومن إيطاليا الميلوديا، ومن ألمانيا جاءت الزنجشبيل-وهو مزيج من الدراما الهزلية والحوار المنطوق والموسيقى العارضة والأغاني الشعبية، ومن إيطاليا جاءت الأوبرا الهازلة، وتحالف الشكلان في فيينا كما نرى في أوبرا موتسارت "الاختطاف من السراي". ويمكن القول عموماً أن التأثير الإيطالي غلب الألماني في فيينا، فلقد غزت إيطاليا النمسا بالألحان كما غزت النمسا شمالي إيطاليا بالسلاح. وفي فيينا كانت الأوبرا الجادة إيطالية في أكثرها، إلى أن جاء جلوك، وجلوك نُشئ على الموسيقى الإيطالية.