اختتم ألكسيوس الأول كمنينوس Alexius I Comnenus حكمه الطويل (١١٠٨ - ١١١٨) على أثر مؤامرة من طراز المؤامرات التي اختصت بها بيزنطية، وذلك بعد أن قاد سفينة الإمبراطورية بنجاح في حروب الترك والنورمان، وفي الحرب الصليبية الأولى. وكانت ابنته الكبرى أنا كمنينا Anna Comnena مضرب المثل في العلم، كما كانت ملمة بخلاصة الفلسفة، وكانت شاعرة موهوبة، وسياسية ذات بهاء، ومؤرخة مهذبة تميل في كتابتها إلى الكذب والاختلاق. ولما خطبت إلى ابن الإمبراطور ميخائيل السابع حسبت أنها بحكم مولدها وبفضل جمالها ومواهبها الذهنية قد اختارتها الأقدار للتربع على عرش الإمبراطورية؛ ولم تكن تغفر لأخيها جون John أنه ولد وارث للعرش، فدبرت مؤامرة لاغتياله، ولكن تدبيرها افتضح وعفي عنها، وآوت إلى أحد الأديرة، وكتبت سيرة أبيها في قصة نثرية تدعى ألكسياد Alexiad. وأدهش جون كمنينوس (١١١٨ - ١١٤٣) أوربا بالتمسك بالفضائل الشخصية، وبكفايته الإدارية، وبانتصاره في حروبه ضد أعدائه من الوثنيين والمسيحيين والمسلمين، وخيل إلى الناس حيناً من الدهر أنه سيعيد الدولة إلى ما كانت عليه من مجد وسعة رقعة، ولكن خدشاً من سهم مسموم في كنانته قضي على حياته وأحلامه.