لقد كانت رحلة طويلة من إنجلترا - من ٨ أغسطس إلى ١٥ أكتوبر. وكان نابليون معتادا على السرعة في الحركة والفِعل والحديث فاعتراه الملل وتحمَّله بشق النفس. وفكر الأدميرال السير جورج كوكبورن George Cockburn في تيسير الأمر بأن راح يدعو يوميا نابليون وأحد رفاقه لتناول الغداء معه ومع بعض الضباط البريطانيين، وعلى أية حال فقد كان البريطانيون يقضون ساعتين ونصف على مائدة الغداء أمّا نابليون فكان يحثهم على قبول اعتذاره عندما يبدءون في تناول الشراب (الخمور)، وكان يجفل عندما ينادونه بجنرال بدلا من إمبراطور لكنه كان معجبا بمودَّتهم ولطفهم.
واقترح أصدقاؤه كوسيلة لقتل الوقت وتهوينه أن يُملي عليهم ذكرياته في الحكم والحرب. لقد بدأ الآن دور الذكريات التي دوَّنها أوميرا O'Meara أوْ لاكاس Las Cases أو جورجو Gourgaud، أو مونثولو Montholon والتي نشروها بعد وفاته. ولعبت دورا في أن أصبحت ذكرى نابليون قوَّة حيّة في فرنسا طوال القرن. لقد طال مقام الرجال في البحر فلابد أن نابليون نفسه قد اعتراه السرور عندما رأى الساحل الصخري لجزيرة سانت هيلينا إن نظرة واحدة يمكنها أن تحيط بمعظم أنحاء الجزيرة. لقد كان محيطها عشرين ميلا فقط، ويكاد يكون كل سكانها متجمعّين في مينائها جيمستون Jamestown ذي الشارع الواحد. لقد كان عدد سكان هذه الجزيرة خمسة آلاف نفس.
وكانت الأرض وعرة وغير المستوية ترتفع صُعُدا إلى هضبة عند لونجوود Longwood ومناخها استوائي حار ممطر سديمي، والفصول المنتظمة لا وجود لها وإنما هناك تغيرات غير محسوبة من رطوبة وجفاف. وكانت تربتها غير ودودة (المقصود غير خصبة) تضن بالطعام عند زراعتها. إنها بقعة من الأرض صالحة لعزل صانع مشاكل لكنها كتعذيب لرجل كانت حياته عملاً يتطلب قارة تكون مسرحاً له.
لقد ظل هو ومن معه على متن السفينة، بينما راح الأدميرال كوكبورن Cockburn