لما مات أفلاطون شيد أرسطو طاليس مذبحاً له وكرمه تكريماً يكاد يبلغ حد التأليه، ذلك لأنه كان يعجب بأفلاطون وإن لم يكن يميل إليه. وكان أرسطوطاليس قد قدم من أثينة من مسقط رأسه في اسطاغيرا وهي مستعمرة يونانية صغيرة في تراقية. وكان أبوه الطبيب الخاص لأمينتاس الثاني Amyntas II والد فليب، وكان قد علّم الشاب) إذا لم يكن جالينوس مخطئاً في قوله (شيئاً من التشريح قبل أن يبعث به إلى أفلاطون. واجتمعت باجتماع الفيلسوفين نزعتان متعارضتان في تاريخ الفكر- النزعة الصوفية والنزعة الطبيعية- وأخذتا تحتربان. ولو أن أرسطوطاليس لم يستمع إلى أفلاطون تلك المدة الطويلة) التي يقدرها بعضهم بعشرين عاماً (لجاز أن يكون له عقل علمي محض؛ أما وقد استمع له تلك المدة فأن ابن الطبيب أخذ ينازع فيه تلميذ المعلم المتزمت، ولم تتغلب إحدى النزعتين على الأخرى، لهذا لم يقر أرسطو طول حياته أي النزعتين يطيع. لقد كدس حوله ملاحظات علمية تكفي لإخراج موسوعة كاملة، ثم حاول أن يحشرها في القالب الأفلاطوني الذي صُنع عقله المدرسي على غراره. ولقد نقض حجج أفلاطون في كل مرحلة من مراحل تفكيره لأنه كان يستعير منه في كل صفحة من صفحات كتبه.
وكان طالباً مجداً، وسرعان ما لاحظ فيه معلمه هذا الجد. ولما قرأ أفلاطون رسالته عن الروح في المجمع العلمي كان أرسطوطاليس) على حد قول ديجين