الحكم النمساوي، إلى مناصرة إنجلترا في سنة ١٧٩١. وفي هذه الأثناء كان البارونات الإقطاعيون يستقطعون كل عائد من الفلاحين المنهكين، وسادت الرشوة، وساد الفساد في البلاط وفي طبقة الموظفين والقضاة وكانت الضرائب باهظة وكانت تقع في الأساس على كاهل الطبقات الدنيا، وأصبح سكان المدينة يتصرفون كالبرابرة بسبب الفقر، لقد اعتادوا الفوضى والجريمة لا يكبحهم سوى العدد الوافر من رجال الشرطة ورجال الدين الظلاميين obscurantist clergy الماهرين في إظهار المعجزات. (في كنيسة الكاتدرائية، كانت رفات القديس جنيوار يوس Januarius تنزف دما في كل عام). وجرت العادة أن تتسامح الكنيسة مع خطايا الجسد، فهذه الخطايا هي الرفاهية الوحيدة المسموح بها للفقراء. وفي أيام الكرنفالات Carnival days ينظر الناس للوصية السادسة من الوصايا العشر باعتبارها قيدا لا لزوم له يتنافى مع الطبيعة البشرية.
ومع هذا فقد كانت الملكة تغار من كاترين الثانية الروسية التي كان حولها كثير من الفلاسفة رهن إشارتها، لذا فقد رعت الفنانين والدارسين وأساتذة الحكمة حتى لو لم تكن تعرف شيئا عن الفن والبحث والحكمة. وهو احتمال وارد، لذا فقد كان في نابلي كثير من الرجال النساء الذين يؤمنون بالأفكار العصرية، وربما فاق عددهم ما هو موجود في أية مدينة إيطالية أخرى وقد تابع كثيرون منهم بأمل صامت الأخبار التي أتت من باريس والتي تفيد أن الفرنسيين قد اجتاحوا سجن الباستيل واستولوا عليه.
[٢ - إيطاليا والثورة الفرنسية]
لقد هيأت أفكار الليبراليين ذوات التأثير، الطبقات المتعلمة في إيطاليا لاستيعاب بعض التحولات الأساسية في فرنسا. لقد كان بيكاريا Beccaria وباريني Parini في ميلان، وتانوسي Tanucci وجينوفيسي Genovesi وفيلانجيري Filangieri في نابلي، وكاراكيولي Caraccioli في صقلية قد مارسوا بالفعل كتابة النثر والشعر، وكتبوا بالفعل في مجال التشريع والفلسفة وكانت الأفكار التي طرحوها هي نفسها - إلى حد ما - الأفكار التي تقرها الآن حكومة الجمعية الوطنية (الفرنسية)، أفكار تؤيد العقل وتعتمد عليه وتميل إلى الحداثة. وفي تسكانيا رحب الدوق الكبير ليوبولد نفسه بالثورة الفرنسية