كان جوته Goethe يظن أن عقل نابليون هو أعظم عقل أنجبته البشرية. واتفق معه لورد أكتون Acton في ذلك الرأي. أما مينيقال Meneval الذي كان متأثراً بقربه من السلطان والشهرة فقد نسب إلى سيده (نابليون) أرقى فكر مُنِحَهُ بشر على الإطلاق. أمّا تين Taine المعارض الشديد للمبالغين في الإعجاب بنابليون، والذي لا يكل ولا يمل من شجب موقفهم، فإنه رغم هذا يُبدي دهشة شديدة من قدرة الإمبراطور على العمل الفعلي المكثف لفترة طويلة:
"ليس هناك أبداً عقل كعقله من حيث التنظيم والانضباط دعونا نوافق على أن عقل نابليون كان من بين عقول كل من تبوّأ منصباً تنفيذياً هو العقل الأكثر إدراكاً ووعياً وحدّة وقدرة على التذكر وبراعة في استخدام المنطق".
لقد أحبّ أن يُشير لنفسه كعضو في المجمع العلمي الفرنسي وقد عبّر ذات مرّة للابلاس Laplace عن أسفه لأن الظروف قد أبعدته كثيراً عن مجال العلم فقد كان يوّد أن يشتغل به ليكون عالما ففي تلك اللحظة كان نابليون يقدّر الرجل الذي يضيف للفهم البشري تقديراً يفوق تقديره لمن يستحوذ على مزيد من السلطة وعلى أية حال، يمكننا أن نسامحه لاحتقاره أيديولوجية المعهد العلمي الفرنسي الذي أساء فهم الأفكار فظنّها هي نفسها الحقائق الموجودة على أرض الواقع، وراح (أعضاؤه) يشرحون أوضاع العالم (أو الكون) واقترحوا أن يعرضوا عليه كيفية حكم فرنسا.
لقد كان عقل نابليون يُعاني من عيوب الخيال الرومانسي، لكنه أيضاً كان يتعامل مع حقائق حية من لحم ودم من خلال احتكاكه اليومي بمثيرات واقعية. لقد كان نشاطه العقلي الدائم على أعلى مستوى يمكن أن يكون عليه رجل الدولة وقد وظّف هذا النشاط العقلي لتحقيق أهدافه بشكل دائم فأصبح جزءاً لأغنى عنه في أي عمل يقوم به.
لقد كان نابليون - في المقام الأول - حاد الحواس، بل لقد كان يعاني من هذه الحدة، فقد كانت أُذناه تلتقط كل شاردة وواردة أو بتعبير آخر كانتا تسمعان حتى الأصوات