كان من أثر استيطان اليونان غرب آسية وفتح مصر للتجارة اليونانية حوالي عام ٦٦٠ ق. م أن دخلت أشكال الشرق الأدنى ومصر وأساليبهما إلى أيونيا وبلاد اليونان الأوربية. ذلك أن مثالين كريتين هما دبوئينوس Dippoenus وسيلوس Scyllus استدعيا حوالي عام ٥٨٠ إلى سكيون وأرجوس ليقوما فيهما بمهمة فنية. ولما أن غادراهما لم يتركا فيهما تماثيل فحسب بل تركا فيهما تلاميذ أيضاً. ونشأت من ذلك الحين مدرسة للنحت قوية في بلاد البلوبونيز. وكان لهذا الفن أهداف كثيرة؛ فكان أولاً يخلد الموتى بالأعمدة البسيطة، ثم برؤوس تماثيل قائمة على قواعد، ثم بتماثيل كاملة أو لوحات جنائزية منقوشة. وكانت التماثيل تصنع للفائزين في الألعاب الرياضية؛ فكانوا أولاً ينحتون نماذج لتماثيل هؤلاء الفائزين. وكان خيال اليونان الحي الخصيب من أسباب تشجيع هذا الفن، فقد جعلهم يصنعون للآلهة تماثيل يخطئها الحصر.
وكان الخشب هو المادة التي تصنع منها أكثر التحف حتى القرن السادس قبل الميلاد، وشاهد ذلك ما نسمعه كثيراً عن صندوق سبسيلوس طاغية كورنثة؛ ويقول بوزنياس إنه صنع من خشب الأرز المطعم بالعاج والذهب، وزين بالنقوش المعقدة المحفورة. ولما زاد الثراء كانت التماثيل الخشبية تغطى كلها أو بعضها بالمواد الثمينة. وبهذه الطريقة صنع فيدياس تماثيله الذهبية والعاجية لأثينة بارثنوس ولزيوس الأولمبي. وظل البرونز ينافس الحجر في صنع التماثيل إلى آخر عصر اليونان الزاهر.
وقد صهر العدو الأكبر من هذه التماثيل البرونزية ولم يبق منها إلا القليل، ولكن في وسعنا أن نستدل من تمثال سائق العربة الخاضع الذليل المحفوظ في