متحف دلفي (حوالي ٤٩٠ ق. م) على ما بلغته صناعة التماثيل المجوفة من الإتقان الذي يقرب من الكمال مذ أدخلها ريكوس Rhoecus وثيودورس الساموسيان في بلاد اليونان. وقد صبت مجموعة التماثيل الأثينية للطاغيتين (هرموديوس Harmodius وأرستوجيتون Aristogeiton) ، وهي المجموعة الذائعة الصيت، من البرونز على يد أنتنور Antenor في أثينة بعد قليل من طرد هبياس. وكان مثالو أثينة يستخدمون أنواعاً كثيرة من الحجارة اللينة قبل أن يعمد مثالو اليونان إلى تشكيل الحجارة الصلبة المختلفة الأنواع باستخدام المطرقة والإزميل، فلما أن عرفوا كيف يستخدون هاتين الأداتين كادوا يأتون علىكل ما في نكسوس وباروس من رخام. وكثيراً ما كانت التماثيل في العهد القديم (١١٠٠ - ٤٩٠) تطلى بالألوان، ولكنهم وجدوا في آخر سني ذلك العهد أن ترك الرخام المصقول من غير طلاء اصطناعي أوقع في النفس وأدنى إلى تمثيل بشرة النساء الرقيقة.
وكان يونان أيونيا أول من عرفوا فوائد جعل الثياب عنصراً من عناصر صناعة النحت. ذلك أن الفنانين في مصر والشرق الأدنى كانوا يجعلون الأثواب جامدة ملتصقة بالجسم، ولم تكن تزيد على مئزر حجري كبير يخفي الجسم الحي، ولكن المثالين اليونان في القرن السادس أدخلوا الثنايا في الأقمشة، واستخدموا الثياب للكشف عن مصدر الجمال الأول وطرازه وهو الجسم البشري الصحيح السليم. غير أن أثر المصريين والآسيويين في الفن اليوناني ظل له من القوة ما جعل التماثيل في كثير من آثار النحت اليونانية العتيقة ثقيلة جامدة خالية من الرشاقة، وجعل الساقين مشدودتين حتى في حالة الراحة، والذراعين مسترخيتين متدليتين على الجانبين، والعينين لوزيّتي الشكل مائلتين أحياناً كعيون معظم الشرقيين، والوجه ذا شكل ثابت لا يتغير في جميع التماثيل خالياً من الحركة والعاطفة، وكانت التماثيل اليونانية في ذلك العهد تتبع القاعدة التي جرى عليها المصريون في صنع تماثيلهم، وهي أن يصنعوها على الدوام متجهة بوجوهها نحو