مات النبي ولم يعين من يخلفه من بعده، ولكنه كان اختار أبا بكر (٥٧٣ - ٦٣٤) ليؤم المسلمين في مسجد المدينة، واقتنع المسلمون بعد شيء من الاضطراب والتنافس بأن هذا التفضيل يجعل أبا بكر أحق الناس بأن يختار أول خليفة لهم (١).
ولم يكن لفظ خليفة في بادئ الأمر لقباً لأبي بكر، بل كان مجرد وصف له. وساء ذلك الاختيار علياً ابن عم محمد وزوج ابنته، وظل ستة أشهر ممتنعاً عن بيعة أبي بكر، وغضب لذلك أيضاً العباس عم النبي وعلي. ونشأ عن هذا الخلاف الأول أكثر من عشر حروب، كما نشأت عنه أسرة عباسية حاكمة، وانقسام اضطرب به العالم الإسلامي.
وكان أبو بكر وقتئذ في التاسعة والخمسين من عمره، وكان قصير القامة، نحيف الجسم، قوي البنية، قليل الشعر، أبيض اللحية حمراء الصبغة، بسيطاً
(١) وكانت هناك أسباب أخرى كثيرة جعلت المسلمين يختارون أبا بكر خليفة لهم منها شدة إيمانه ومناصرته للنبي وقوة أخلاقه والتضحية في سبيل الدين بنفسه وبماله. (المترجم)