وصل سرفيوس سلبيوس جلبا Servius Sulpius Galba رومة في يونية من عام ٦٨، وكان من أصل شريف، فقد كان أبوه عل حد قولهِ ينحدر من نسل جوبتر، كما كانت أمه تنتمي إلى باسفائي Basipha (زوجة مينوس Minos. وكان في السنة التي ارتقى العرش أصلع الرأس متقلص اليدين والقدمين من داء المفاصل، فكان لا يستطيع أن يلبس حذاء أو يمسك كتاباً (٩٠). وكان يتصف بالرذائل المألوفة في تلك الأيام، سوية كانت أو غير سوية، ولكن هذه الرذائل لم تكن هي التي قصرت حكمه، بل إن الذي أحنق الجيش والشعب عليه هو اقتصاد الشديد في الأموال العامة، وحرصه الشديد على تنفيذ العدالة (٩١). ولما أن قرر أن يرد كل من نالوا أعطية من نيرون تسعة أعشار ما استولوا عليهِ إلى خزانة الدولة، خلق لنفسهِ آلافاً من الأعداء الجدد وتصرمت أيامه سراعاً.
وذلك أن شيخاً مفلساً يدعى ماركس أتو Marcus Etho أعلن أنه لا يستطيع أداء ديونه إلا إذا أصبح إمبراطوراً (٩٢). وانضم إليه الحرس، وزحفوا على السوق والتقوا بجلبا راكباً في هودج، ومد جلبا عنقه إلى سيوفهم دون أن يبدي أية مقاومة فقطعوا رأسه وذراعيه، وشفتيه، وحمل واحد منهم رأسه إلى أتو، ولكنه لم يستطع أن يقبض بقوة على شهره القليل المبلل بالدماء فأدخل إصبعه في فمه. وأسرع مجلس الشيوخ فوافق على تولية أتو في الوقت الذي كان الجيش الروماني في ألمانيا ينادي بقائده أولس فيتليوس Aulus Vitillius والجيش الروماني في مصر ينادي بقائدهِ تيتس فلافيوس فسبازبانس Titus Flavius Vespasianus إمبراطوراً. وزحف فيتلوس على إيطاليا بفيالقه القوية، وقضى