رمانا بهذا الجيل المغرور، العنيد، الوقح، المتصلب، الذي يعلو صوته على من هم أكبر منه سناً فيسكتهم" (١٠٧).
وهكذا تقدم به العمر وندم على أفكار شبابه لا على خطاياه. وفي ١٧٩٤ عاد فقيراً كما كان، غنياً في ذكرياته وحفدته فقط؛ وقد وضع في المجلد الثامن من "المسيو نيقولا" "تقويماً" بالرجال والنساء الذين عرفهم في حياته ومنهم عدة مئات من العشيقات، وأكد من جديد إيمانه بالله. وفي ١٨٠٠ أخبرت الكونتيسة بوهارنيه نابليون بأن رستيف يعاني شظف العيش وأن حجرته ليس بها نار تدفئها، فبعث إليه نقوداً وخادماً وحارساً، ثم عينه (١٨٠٥) في وظيفة بوزارة الشرطة. وفي ٨ فبراير ١٨٠٦ مات رستيف وقد بلغ الثانية والسبعين. واشتركت الكونتيسة وعدة أعضاء من المجمع الفرنسي (الذي كان قد رفض انضمامه إليه) مع جمع العامة البالغين ألفا وثمانمائة في تشييعه إلى مثواه الأخير.
[٧ - بومارشيه]
كتب أرثر ينج في ١٧٨٨ يقول "كلما خبرت المسرح الفرنسي وجدتني مضطراً إلى الاعتراف بتفوقه على مسرحنا، سواء في عدد ممثليه الأكفاء، أو في نوعية الراقصين والمغنين والأشخاص الذين تعتمد عليهم صناعة المسرح، وكلهم راسخ القدم على نحو رائع" (١٠٨). وكانت الحفلات التمثيلية تحيا كل ليلة، بما فيها ليالي الأحد، في التياتر-فرانسيه الذي أعيد بناؤه في ١٧٨٢، وفي كثير من المسارح الإقليمية. وجاءت الآن فترة خلت فيها خشبة المسرح من فحول الممثلين فقد مات لوكان، وتقاعدت صوفي أرنو في ١٧٧٨؛ ثم استهل تالما الذي سيصبح أثير نابليون حياته المسرحية مع الكوميدي-فرانسيز في ١٧٨٧، وحقق أول انتصار له في مسرحية ماري-جوزف شنييه "شارل التاسع" في ١٧٨٩. وكان أحب كتاب العصر المسرحيين إلى الشعب ميشيل جان سيدين الذي ألف كوميديات عاطفية استأثرت بالمسرح الفرنسي طوال قرن من الزمان. ونحن نحييه وننتقل إلى الرجل الذي نفخ الحياة في "فيجارو" بمساعدة موتسارت وروسيني، وأعطى الحرية لأمريكا (في زعمه).