أنشأ قسطنطين بعد سنة واحدة من اجتماع المجلس مدينة جديدة وسط خرائب بيزنطية سماها روما الجديدة Nova Roma وسمتها الأجيال التي أعقبته باسمه. وفي عام ٣٣٠ أدار ظهره نحو روما ونيقوميدية كلتيهما، واتخذ القسطنطينية عاصمة له، وأحاط نفسه فيها بأبهة الملوك الشرقيين وحاشيتهم، لاعتقاده أن ما تحدثه هذه الأبهة من تأثير نفساني في الجيش والشعب سوف يجعل ما تحتاجه مظاهرها من المال الكثير اقتصاداً حقيقياً في مطالب الحكم. وبسط رعايته على الجيش بما أوتي من حسن السياسة وقوّاه بأن أمده بالسلاح، وخفف من نير الاستبداد بقراراته الرحيمة، وناصر الآداب والفنون، وشجع مدارس أثينة، وأنشأ جامعة جديدة في القسطنطينية، كان فيها أساتذة يتناولون مرتبات من قِبَل الدولة، ويعلّمون اللغتين اليونانية واللاتينية، والآداب والفلسفة، والبلاغة والقانون، ويدربون الموظفين الذين تحتاجهم الإمبراطوريّة (٥٢). وأيد ما كان للأطباء والمدرسين في جميع الولايات من امتيازات ووسّع نطاقها، وأمر الحكام أن ينشئوا في ولاياتهم مدارس للعمارة، وأن يستجلبوا الطلاب إليها بمختلف الامتيازات والمكافآت، وأعفي الفنانين من الواجبات المفروضة على غيرهم من المدنيين حتى يوفر لهم ما يكفي من الوقت لإتقان فنهم وتعليمه أبناءهم. وقد استعان بالكنوز الفنية في جميع أنحاء الإمبراطوريّة على تجميل القسطنطينية حاضرته الجديدة.
وبدأت أعمال البناء في روما في ذلك العهد على يد مكسنتيوس، فقد