للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثالث

[العناصر السياسية في الحضارة]

الفصل الأول

[أصول الحكومة]

الغريزة الاجتماعية - الفوضى البدائية -القبيلة

والعشيرة - الملك - الحرب

ليس الإنسان حيوانا سياسيا عن رضى وطواعية، فالرجل من الناس لا يتحد مع زملائه مدفوعا برغبته بقدر ما يتحد معهم بحكم العادة والتقليد والظروف القاهرة؛ فهو لا يحب المجتمع بقدر ما يخشى العزلة، ولذلك تراه يتحد مع غيره من الناس لأن اعتزاله يعرضه للخطر، ولأن ثمة أشياء كثيرة يمكن أن يجود أداؤها بالتعاون أكثر مما يجود بالانفراد، وعلى ذلك فالرجل من الناس وحشي في صميمه يتصدى للعالم كله تصدي العدو لأعدائه بكل ما يتطلب ذلك من بطولة؛ فلو قد جرت الأمور على ما يشتهي الإنسان المتوسط لكان الأرجح ألا تقوم للدولة قائمة؛ بل إنك لتراه في يومنا هذا يمقت الدولة مقتا، ولا يفرق بين الموت وجباية الضرائب، ويتحرق شوقا لحكومة لا تحكم من أموره إلا أقلها؛ ولو رأيته يطالب بزيادة في القوانين فما ذاك إلا لأنه يعتقد أن جاره لابد له من تلك القوانين أما هو إذا ما ترك لهواه، فينزع إلى الفوضى التي لا يضبطها تفكير فلسفي، ويظن أن القوانين - فيما يختص بحالته - زائدة لا حاجة إليها.

ولو نظرت إلى أبسط المجتمعات تكوينا لأوشكت ألا ترى فيها حكومة على أية صورة من الصور، فالصائدون البدائيون لا يميلون إلى قبول التقنين إلا حين