للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٩ - تيبولو]

أما البندقي الذي أوهم أوربا لحظة أن النهضة قد عادت فهو جامباتستا تيبولو. ومن المشاهد المألوفة في أي يوم من أيام الصيف أن ترى موكباً من الطلاب والسياح يدخلون مسكن أسقف فورتسبورخ ليرى بيت السلم والسقف اللذين رسم تيبولو صورهما الجصية في ١٧٥٠ - ٥٣، هذه الصور هي قمة التصوير الإيطالي في القرن الثامن عشر. أو تأمل لوحة "الثالوث يظهر للقديس كلمنت" في متحف الفن القومي بلندن، ولاحظ تكوينها البارع، ورسمها الدقيق، وتناولها الحاذق للضوء، وعمق لونها وتوهجه، أليس هذا قريباً لفن تتسيانو؟ ربما، ولولا أن تيبولو قد طوف كثيراً لكان واحداً من عمالقة التصوير.

أو لعل ثراءه هو الذي عوقه. ذلك أنه كان آخر طفل لتاجر بندقي غني خلف ثروة كبيرة عند وفاته. وما لبث جان، الذي كان وسيماً ذكياً مرحاً "أن اكتسب الازدراء الأرستقراطي لكل ما هو شعبي" (٦٣). وفي ١٧١٩ حين بلغ الثالثة والعشرين تزوج تشيشيليا أخت فرانشسكو جورادي، فولدت له أربع بنات وخمسة أولاد، أصبح اثنان منهم مصورين وعاشوا جميعاً في بين أنيق في أبرشية سانتا ترينيتا. وكانت موهبته قد تفتحت. ففي ١٧١٦ عرض لوحة "تضحية أسحق" (٦٤)، وهي لوحة فجة، ولكنها قوية، ووضح أنه كان في تلك الحقبة متأثراً بفن بياتيستا. وقد درس فيرونيزي أيضاً، واتخذ أسلوب باولي في الملابس الفخمة والألوان الدافئة والخطوط الشهوانية تيبولو مواضيعه من قصة إبراهيم، ولكن التناول لم يكن كتابياً تماماً. فوجه سارة المنبعث من طوق مكشكش من أطواق عصر النهضة، هو غضون وتجاعيد تكشف عن سنين أثريتين، ولكن الملاك رياضي إيطالي له ساق فاتنة. ويبدو أن تيبولو أحس أن في استطاعته، في قرن بدأ يسخر من الملائكة والمعجزات، أن يسمح لمزاجه باللهو بالتقاليد المبجلة، وقد أتاح له رئيس الأساقفة اللطيف هذا اللهو. ولكن كان على الفنان