تضافرت عوامل كثيرة على تقويض صرح العقيدة المسيحية في إنجلترا: ارتباط الكنيسة بصعود الأحزاب السياسية وسقوطها؛ وازدياد الثروة ومطالب اللذة في طبقات المجتمع العليا، ودولية الأفكار بفضل التجارة والسفر، والإلمام المتزايد بالأديان والشعوب غير المسيحية، وتكاثر الملل وتبادل النقد فيما بينها، وتطور العلم، وازدياد الإيمان بالأسباب الطبيعية والقوانين الثابتة، والدراسة التاريخية والنقدية للكتاب المقدس، واستيراد أو ترجمة كتب خطيرة مثل "معجم" بيل و "الرسالة اللاهوتية السياسية لسبينوزا"، والكف عن رقابة الدولة على المطبوعات (١٦٩٤)، ومكانة العقل الصاعدة، والمحاولات الجديدة للفلسفة، في أعمال بيكون، وهوبز، ولوك، لتفسير العالم والإنسان تفسيرات طبيعية وتلخيصاً لكثير من هذه العوامل-حملة الربوبيين (المؤلهة) Deists لاختزال المسيحية إلى مجرد الإيمان بالله والخلود.
وكانت تلك الحركة قد بدأت بكتاب "الحقيقة لهربرت" لورد تشربري في ١٦٢٤، ونمت خلال القرن السابع عشر ومطلع الثامن عشر بتشارلز بلاونت، وجون تولاند، وأنتوني كولنز، وواصلت الآن سيرها بأثر متراكم في أعمال هويستن، وولستن، وتندال، ومدلتن، وتشب، وآنت، وبولنبروك. وقد طرد وليم هويستن الذي خلف نيوتن أستاذاً "لوكازياً" للرياضة في كمبردج من منصبه ذاك (١٧١٠) لأعرابه عن بعض الشكوك في الثالوث، فدافع عن أريوسيته في كتاب "أحياء المسيحية البدائية"(١٧١٢)، وأجهد نفسه ليثبت أن تنبؤات العهد القديم لا تشير إلى المسيح. فلما أقلع المدافعون عن المسيحية عن اتخاذ الحجج من التنبؤات، وبنوا ألوهية المسيح على المعجزات المروية في العهد الجديد، أطلق توماس وولستن سورته التي خلت من التوقير للمسيحية في "ستة أحاديث عن معجزات مخلصنا"(١٧٢٧ - ٣٠). يقول فولتير "لم يهاجم المسيحية قط مسيحي بمثل هذه الجرأة (١٦) ". وقد زعم وولستن أن بعض المعجزات لا تصدق، وبعضها غير معقول. ووجد أن مما لا يصدقه