للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثالث

[الأخلاق الجنسية]

ولننتقل بعدئذ إلى أخلاق غير رجال الدين، ونبدأ بالعلاقة بين الرجال والنساء، ونذكر من بادئ الأمر أن الإنسان بفطرته ينزع إلى تعدد الأزواج، وأن لا شيء يستطيع أن يقنعه بالزوجة الواحدة إلا أقسى العقوبات، ودرجة كافية من الفقر والعمل الشاق، ومراقبة زوجته له مراقبة دائمة. ولسنا واثقين من أن الزنا كان في العصور الوسطى أقل انتشاراً مما كان في عصر النهضة؛ وكما أن الزنا في العصور الوسطى كانت تخفف من مساوئه روح الفروسية وما فيها من شهامة، كذلك كان يخفف من هذه المساوئ بين الطبقات المثقفة التقدير المثالي لرقة المرأة المتعلمة ومفاتنها الروحية. وساعدت زيادة التكافؤ بين الجنسين في التعليم والمركز الاجتماعي على خلق رفقة عقلية جديدة بين الرجال والنساء؛ فكانت الحياة في مانتوا، وميلان، وأربينو، وفيرارا، ونابلي تزدان وتزداد حمية بظهور النساء الفاتنات المثقفات.

وكانت فتيات الأسر العريقة يحتجبن إلى حد ما عن الرجال من غير أسرهم. وكن يلقنَّ على الدوام دروساً في مزايا الاستعفاف قبل الزواج؛ وكان هذا التلقين يلقى أحياناً من النجاح درجة نسمع معها أن فتاة أغرقت نفسها بعد أن أعتدي على عفافها، وإن كان هذا بلا شك فعلاً شاذاً بدليل أن أسقفا اقترح أن يقام لهذه الفتاة تمثال (٢١)، وفي المقابر الرومانية امرأة عريقة النسب خنقت نفسها لتنقذ شرفها، وحمل جسمها في موكب نصر مخترقاً شوارع روما وعلى رأسها إكليل من الغار (٢٢). بيد أنه كانت هناك بلا شك مغامرات كثيرة من فتيان وفتيات قبل الزواج؛ ولولا هذا