للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"إلا العقل نفسه"- وهو قوة منظمة تستطيع تنبيهات التنبيهات إلى الأفكار، وأخيراً الى تلك الكليات والأفكار المجردة التي هي أدوات الاستدلال، والميزة التي اختص بها الإنسان على هذه الأرض.

والإرادة أو الرغبة هي الموهبة التي تستطيع بها النفس أو القوة الحيوية أن تتحرك نحو ما يرى العقل انه خير. ويعرف تومس الخير كما يعرفه أرسطو بأنه "هو الشيء المرغوب فيه" (١٠٢). والجمال شكل من أشكال الخير، لأنه هو الذي تسر رؤيته. ولم كانت رؤيته سارة؟ إنها تسر لما بين أجزائها من تناسب وتناسق يجعل منها كلا منظما. والعقل خاضع للإرادة لان الرغبة تستطيع أن تحدد اتجاه الفكر؛ ولكن الإرادة نفسها خاضعة للعقل لان رغباتنا تحددها الطريقة التي تدرك بها الأشياء، والآراء التي تكونها عنها (مقلدين في ذلك غيرنا عادة). وليست الحرية مستقرة حقيقة في الإرادة التي "يحركها بالضرورة" فهمنا للمادة كما يعرضها علينا العقل (١٠٣). بل هي مستقرة في التمييز (arbitrium) : ولهذا تتناسب الحرية تناسباً مطرداً مع درجات المعرفة، والقدرة على الاستدلال، والحكمة، وعلى قدرة العقل ان يعرض صورة صحيحة للحالة القائمة على الإرادة؛ ومن ذلك يرى أن الحكماء وحدهم هم الأحرار حقاً (١٠٤). وليس الذكاء خير مواهب النفس وأسماء فحسب بل هو أيضاً أعظمها قوة: "وطلب الحكمة هو من بين مطالب الإنسان كلها أكملها، واسماها، وأعظمها نفعاً، واجلبها للسرور" (١٠٥): "وعمل الإنسان الخليق به هو أن يفهم" (١٠٦).

[٥ - علم الاخلاق]

وإذن فغاية الإنسان الحقة هي أن يصل إلى الحقيقة في الحياة الدنيا، وان يشهد هذه الحقيقة في الله في الحياة الآخرة؛ ذلك إننا إذا سلمنا مع أرسطو بان ما يسعى إليه الإنسان هو السعادة، فأين يجد أحسنها؟ انه لا يجدها في الملاذ