للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في التاريخ. وكان مونتيني يومها في الرابعة والعشرين، وإتيين في السابعة والعشرين، ولعل مونتيني كان آنئذ من الحداثة بحيث يستطيع تقبل العواطف المتطرفة. على أن صداقتهما سرعان ما ختمت بكون لابوييتي ولما يجاوز الثاني والثلاثين (١٥٦٣)، ووصف مونتيني أيامه الأخيرة وكأنه يتذكر وصف أفلاطون لموت سقراط. وبلغت حدة إحساسه بفقد ذلك الفتى المشبوب العاطفة مبلغاً جعله يذكر موته- بعد أن انقضت عليه سبعة عشر عاماً- بشعور أشد عمقاً من ذكره لأي تجربة أخرى جاز بها في حياته. ولم يكن راضياً عن طبع كتاب صديقه ( Discours) وحزن حين نشره راعي كنيسة في جنيف (١٥٧٦). وقد علل تأليف الكتاب بروح الشباب السمحة، وأرجع كتابته إلى سن أسبق هي السادسة عشرة. لقد أوشك هذا الصوت أن يكون صوت الثورة الفرنسية.

[٩ - راموس والفلاسفة]

كانت حياة بتروس راموس- بيير دلاراميه- لا تقل شاعرية عن حية لابوييتي، وموته أشد عنفاً. لقد آلى على نفسه أن يخلع نير أرسطو.، إذ رأى فيه حكم رجل واحد دام نيفاً وثلاثة قرون، لا على أمة واحدة فحسب بل على أنن كثيرة، لا على الجسد بل على العقل، بل كاد يبسط سلطانه على الروح. أو لم ينصب هذا المفكر الوثني فيلسوفاً رسمياً للكنيسة؟ لقد فكر إنسانيو النهضة في إحلال أفلاطون محله، ولكن حركة الإصلاح البروتستنتي- أو الخشية من الحركة- أخذت تخنق الحركة الإنسانية، وظلت الكلامية الأرسطاطالية، سواء في ألمانيا