يوربديس. وفي هذا نجح، وهو ما يستحق عليه الثناء حقاً. فلقد احتفظ بالدراما الحديثة على مستوى لم يبلغه سوى شكسبير وكورنبي، ولا يدنو منه إنسان بعد ذلك سوى جوته.
[٤ - لافونتين]
١٦٢١ - ١٦٩٥
في ذلك العصر، عصر الخصومات الأدبية الصارخة، يطيب للمرء أن يسمع بتلك الصداقة المشهورة، نصف الأسطورية، بين بوالو، وموليير، وراسين، ولافونتين-"شلة" الأصدقاء الأربعة.
أما جان دلافونتين فكان العضو المغمور بين الجماعة. ولد كأضحابه لأسرة متوسطة؛ ولا غرور فالأرستقراطية في شغل بفن الحياة عن الفن. وكان مسقط رأسه شاتو-تييري في شمبانيا، وابوه المدير المحلي للمياه والغابات، لذلك شب جزءاً حساساً من الطبيعة المحيطة به، وعشق الحقول، والغابات، والأشجار، والأنهار، وكل ساكنيها، وتعلم عادات العشرات من أنواع الحيوان، وتكهن في تعاطف بغاياتها، وهمومها، وأفكارها، فكان كل ما عليه أن يفعله وهو يكتب أن يجري الكلام على ألسنه هؤلاء الفلاسفة متعددي الأرجل، وأصبح "إيزوبا" آخر مذاباً بقصصه الخرافية في ذاكرة الملايين.
وكانت نية أبويه أن يعداه للكهانة، ولكن لم يكن به ميل للخوارق. وحاول أن يمارس القانون، ولكنه وجد الشعر أيسر فهماً. وتزوج فتاة غنية (١٦٤٧) وأنجب منها ولداً. ثم اتفق مع زوجته على الانفصال (١٦٥٨) وذهب إلى باريس، وأبهج فوكيه، وتلقى من ذلك المختلس اللطيف معاشاً قدره ألف جنيه، شريطة أن يتحفه بأشعاره أربع دفعات في السنة. فلما سقط فوكيه وجه لافونتين إلى الملك التماساً شجاعاً يرجوه فيه الصفح عن رجل المال. وكانت النتيجة أنه لم يصطل قط بعدها في شمس الملك. فلما جرد من