البابا كليمنت الثامن أمراً باتخاذ الإجراءات النهائية في القضية .... وبالنطق بالحكم، وبإحالة الأخ المدعو جوردانوس إلى المحكمة المدنية". وفي ٨ فبراير استدعى المحققون برونو، وكرروا على مسامعه الاتهامات الموجهة إليه، وأبلغوه أنهم أمهلوه ثمانية أعوام ليراجع موقفه ويبدي الندم، وأنه وافق على حكم البابا في أمر مروقه عن الدين، وأن البابا قرر أنه مارق، وأن المتهم لا يزال مصراً على هرطقته، "سائراً في غيه، عنيداً، مكابراً" ومن ثم صدر الحكم بإحالته إلى المحكمة المدنية .... إلى حاكم روما، الحاضر هنا الآن ليقرر العقوبة التي تستحقها "ولو أننا نرجو جادين أن يخفف من صرامة القوانين، بالنسبة لما تعانيه من آلام، وألا يكون جزاؤك الإعدام أو بتر الأعضاء". ووقع على الحكم ثمانية كرادلة، من بينهم بللارمين. ويقول كسبار سكيوبيوس-وهو عالم ألماني تحول حديثاً إلى الكثلكة ثم أقام في روما-أن برونو، عندما تُلي عليه الحكم، قال لقضاته: "ربما كنتم يا من نطقتم الحكم بإعدامي، أشد جزعاً وخشية مني أنا الذي تلقيته" (٣٦).
ونقل برونو على الفور إلى سجن مجني. وفي ١٩ فبراير، وهو لا يزال مصراً على موقفه، جرد من ثيابه وربط لسانه، وشد إلى خازوق من الحديد فوق ركام ممن الحطب في "بيازاكامبودي فيوري" وأحرق حياً على مشهد من جمع غفير متعظ، وكان في الثانية والخمسين من العمر، وفي ١٨٨٩، أقيم له في نفس المكان، تمثال؛ جمعت له التبرعات من مختلف أركان الدنيا.
[٣ - فانيني وكمبانلا]
بعد تسعة عشر عاماً من هذا الذي أسفنا، ظهرت نزعة مماثلة، ولقيت من فورها نفس المصير.
ولد جيوليو سيزار لوسبليو فانيني في جنوب إيطاليا لأب إيطالي وأم