للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل السادس

[فلسفة تومس]

[١ - المنطق]

ما هي المعرفة؟ هل هي نور الهي بعثه الله في الإنسان، وبغير هذا لا يمكن أن تكون؟ يخالف تومس منذ البداية أوغسطين، والمتصوفة، والقائلين بمذهب اللقانة (١): فالمعرفة في رأيه نتاج طبيعي، يحصل عليها الإنسان من حواس الجسم الخارجية، ومن الحاسة الداخلية المعروفة يا لشعور بالذات. وهي معرفة محدودة غاية في القصور، فما من عالم قد عرف حتى وقتنا هذا حقيقة الذبابة (٧٠). ولكن المعرفة في داخل حدودها خليقة بان يوثق بها، ولا حاجة بنا لان يتولانا الغضب من أن العالم الخارجي قد يكون كله خداعاً في خداع. ويقبل تومس تعريف المدرسيين للحقيقة بأنها مطابقة الفكرة للشيء adequatio rei et intellectus، (٧١) . وإذ كان العقل يستمد كل معلوماته الطبيعية من الحواس (٧٢) فان معرفته المباشرة للأشياء الخارجة عنه مقصورة على الأجسام- أي على عالم الحس والمحسوس، وليس في مقدوره أن يعرف من طريق مباشر العالم الذي فوق المحسوس، عالم ما وراء الطبيعة، العقول التي في داخل الأجسام أو الله في خلقه؛ ولكن في وسعه عن طريق المقارنة والقياس أن يستمد من تجارب الحس معرفة غير مباشرة بالعقول الأخرى، وان يحصل بمثل هذه الطريقة على معرفة مباشرة بالله (٧٣). أما العالم الثالث عالم ما فوق الطبيعة - حيث يوجد الله- فليس في مقدور عقل الإنسان أن يعرف عنه شيئاً ألا من طريق الوحي


(١) Intuitionists