الإلهي. وفي وسعنا ان نعرف طريق الفهم الطبيعي لن الله موجود، وانه واحد، لان وجوده ووحدانيته تتلألآن في عجائب العالم وحسن تنظيمه؛ ولكننا لا نستطيع بعقلنا وحده ان نعرف جوهرة اغو حقيقة التثليث؛ وحتى علم الملائكة أنفسهم قاصر ومحدود وإلا كانوا آلهة.
وقصور علمنا في حد ذاته دليل على وجود عالم فوق الطبيعي. ويكشف الله لنا عن هذا العالم في كتبه المقدسة؛ وكما ان من الحمق ان يقول الفلاح إن نظريات الفلسفة كاذبة لأنه يعجز عن فهمها، كذلك يكون من الحمق أن يرفض الإنسان الإيمان بالوحي الإلهي بحجة انه يبدو له في بعض النقط مناقضاً لمعلومات الإنسان الطبيعية. وعلينا أن نثق بأنه لو كانت معلوماتنا كاملة، لما كان ثمة تناقض بين الوحي والفلسفة؛ ومن الخطأ أن نقول إن قضية ما يمكن أن تكون خاطئة في الفلسفة وصحيحة في الدين؛ ذلك بأن الحقائق كلها تأتي من عند الله وهي واحدة. غير انه يحسن بنا أن نفرق بين ما نفهمه عن طريق العقل وما نعتقده عن طريق الإيمان (٧٤)، لان ميداني الفلسفة والتصور ميدانان منفصلان؛ ويجوز للعلماء ان يبحثوا فيما بينهم ما يعترض به على الدين، ولكن (لا يحسن بالسذج من الناس أن يسمعوا إلى ما يقوله غير المؤمنين ضد الدين) لان العقول الساذجة ليس لها من الاستعداد ما تستطيع أن ترد به على المعترضين (٧٥). ويجب على العلماء والفلاسفة، كما يجب على الفلاحين ان ينحنوا أمام قرارات الكنيسة؛ ومن واجبنا أن نهتدي بهديها في كل شيء (٧٦)؛ لأنها هي المكان الذي أودع فيه الله الحكمة الإلهية؛ وقد أعطى البابا (الحق في ان يصدر أحكاماً نهائية في شؤون الدين حتى يأخذها الناس جميعاً بالإيمان لا يتزعزع)(٧٧). وبغير هذا لا مفر من الفوضى العقلية، والأخلاقية، والاجتماعية.