ولكن صورة الحياة الإيرلندية كانت في جملتها من أشد ما حواه التاريخ خزياً وعاراً. فقر مذل، وتمرد فوضوي على القانون، وإملاق مترحل، و٣٤. ٠٠٠ متسول، وعدد لا حصر له من اللصوص، وطبقة عليا تعيش في إسراف مخمور بين فلاحين يتضورون جوعاً، وكل إخفاق في المحصول يجر مجاعة واسعة الانتشار-"فالشيوخ والمرضي يموتون وينتنون من البرد والمجاعة والقذارة والحشرات (٦٢) "-على حد قول سويفت. هذه الصورة الرهيبة يجب أن تجد مكاناً في مفهومنا عن الإنسان. وبعد الصقيع الطويل القاسي الذي أصاب إيرلندة في ١٧٣٩ جاءت مجاعة ١٧٤٠ - ٤١ القاسية، التي هلك فيها حسب أحد التقديرات عشرون في المائة من السكان، مخلفين الكثير من القرى المهجورة. ففي مقاطعة كري هبط عند دافعي الضرائب من ١٤. ٣٤٦ في عام ١٧٣٣ إلى ٩. ٣٧٢ في عام ١٧٤٤. وقدر باركلي أن "الأمة في أغلب الظن لن تعوض هذه الخسارة بعد قرن (٦٣) " ولكنه أخطأ التقدير. فما لبثت النساء أن ولدن الأطفال في صبر ليعوضن مَن فُقِد من الموتى. وفترت الحماسة الدينية بين البروتستنت بانتشار التعليم، واشتدت بين الكاثوليك كلما وحد الدين بينه وبين صراع الأمة في سبيل الحرية. وسرعان ما عوضت النسبة العالية للمواليد، التي حبذتها الكنيسة الكاثوليكية سلاحاً سرياً لها ضد معارضة، عما سلبته المجاعة والوباء والحرب؛ فما حلت سنة ١٧٥٠ حتى ارتفع سكان إيرلندة من قرابة ٢. ٠٠٠. ٠٠٠ في ١٧٠٠ إلى نحو ٢. ٣٧٠. ٠٠٠ وفي نهاية الشوط غلب إيمان المظلومين وخصوبتهم سلاح الغزاة وجشعهم.
[٧ - اسكتلندة]
١٧١٤ - ١٧٥٦
لم كان حظ إسكتلندة مختلفاً أشد الاختلاف عن حظ إيرلندة؟ أولاً لأن إسكتلندة لم تقهر قط، بل إنها على العكس من ذلك أعطت إنجلترا ملكاً اسكتلندياً. وكان لها في شيوخ قبائل مرتفعاتها (الهايلاندز) الذين لم يذلوا بعد، طبقة من المقاتلين قادت الاسكتلنديين المرة بعد المرة في غزوات لإنجلترا. وكان أهل سهولها سلالة أنجلو-سكسونية، ينتمون أساساً إلى الأصل الذي ينتمي إليه الإنجليز. أما تربتها فظلت