للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووجد نابليون الوقت الذي يجعله يصدر أمراً مفصّلاً بإعادة تنظيم مسرح الكوميدي فرانسيز Comedie-Francaise في باريس.

ومضى شهر ولم تصل لنابليون كلمة واحدة من إسكندر. وتذمّر نابليون قائلا: "إنني أضرب (أهزم) الروس كل يوم، لكن هذا لم يحدث لي في أي مكان". سبتمبر بارد ويأتي بعده أكتوبر وسرعان ما يحلّ الشتاء الروسي. وأخيراً وبعد أن يئس من رد يأتيه من القيصر، أو تحدٍ من كوتوزوف، وبعد أن تحقق من أن كل يوم يمضي يكون موقفه فيه أسوأ - استسلم لقرار أشد مرارة: أن يعود بخفّي حنين (خاوي الوفاض) أو ببعض الأشياء التذكارية القليلة .. لقد قرر العودة إلى سمولنسك، ففيلنا Vilna فوارسو (فرسافا) … وأخيراً ليصل إلى باريس. أي نصر هذا؟ أيمكن لمثل هذا النصر أن يُزيل عار الهزيمة؟!

٦ - طريق العودة ١٩ أكتوبر - ٢٨ نوفمبر ١٨١٢ م

لم يبق إلاّ أمل واحد. لقد كان كوتزوف قد جمّع مؤناً في كالوجا Kaluga إلى الجنوب الغربي من موسكو بتسعين ميلاً. وفكر نابليون في التوجه إلى هناك وأن يجبر الجنرال الماكر للدفاع عن هذه المخازن، فإن انتصر الفرنسيون نصراً حاسماً فقد يُجبر النبلاء الروس القيصر إسكندر على التوسّل لاتفاق سلام. وأكثر من هذا فإن كالوجا كانت على طريق آخر مؤد إلى سمولنسك غير الطريق الذي كان الغزاة قد أتوا منه، وفي اتخاذ هذا الطريق تجنب للذكريات الأليمة عند المرور ببورودينو Borodino حيث كان قد مات كثير من رفاق الحرب. وصدرت الأوامر بالاستعداد لإخلاء موسكو.

وعلى هذا ففي ١٩ أكتوبر بدأ جيش نابليون (٥٠،٠٠٠ جندي و ٥٠،٠٠٠ من غير المقاتلين) في الخروج من موسكو. وكانت عربات التحميل تحوي مؤناً لعشرين يوماً، وهو وقت يكفي للوصول إلى سمولنسك حيث صدرت الأوامر بتجهيز مؤن طازجة لهم فيها. وكانت هناك عربات أخرى تضم المرضى أو الجرحى وبعض الأشياء التذكارية الثقيلة وذهب نابليون المتناقص.