يرى الناظر إلى بلاد البلقان عن بعد أنها خليط مضطرب من العواصف السياسية والدسائس، ومن الخداع الجذاب والمهارة التجارية، والحروب والاغتيال، والمذابح المدمرة. أما البلغاري، والروماني، والمجري، واليوغسلافي فيرى كل منهم أن أمته هي ثمرة ألف عام من الكفاح للظفر باستقلالها من الإمبراطوريات المحيطة بها، والاحتفاظ بثقافة فذة باهرة، والتعبير عن خصائصها القومية في البناء، واللباس، والشعر، والموسيقى والغناء دون أن يعوقها عن ذلك عائق.
وظلت بلغاريا، التي كانت من قبل دولة قوية في عهد كروم Krum وسيمون Simeon، ثمانية عاماً ومائة عام خاضعة لبيزنطية، ووجد تذمر البلغار والفلاخ Vlach أهل ولاشيا Wallachia من يعبر عنه في شخص أخوين هما يوحنا وبطرس آسن Asen كان لهما الأخوان أهل ترنوفا Trnova إلى كنيسة القديس كمتريوس وأقنعاهم بأن هذا القديس غادر مدينة سلانيك اليونانية ليتخذ ترنوفا موطناً له، وأن في وسع بلغاريا إذا انضوت تحت لوائه أن تستعيد حريتها. وأفلحا في بلوغ هدفهما، وقسما الدولة الجديدة تقسيماً ودياً بينهما، فاتخذ يوحنا ترنوفا مقراً لحكمة واتخذ بطرس برسلاف Preslav. وكان أعظم ملك من نسلهما، وفي تاريخ بلغاريا كله، هو يوحنا آسن الثاني (١٢١٨ - ١٢٤١)؛ ذلك أن هذا الملك لم يضم إلى ملكه تراقيا، ومقدونية، وإبيروس، وألبانيا فحسب، بل حكم هذه البلاد حكماً عادلاً أحبه من اجله رعاياه من اليونان أنفسهم. وكسب