(نابليون)، إن رفضه لكل ما هو ليبرالي مما تركه عمه وأبوه، وإعادته للسخرة والرسوم الإقطاعية ورفضه لأي تحوّل من الأوتوقراطية إلى الحكم الدستوري - كل ذلك كان مغفوراً له مُتسامحاً فيه بعد أوسترليتز Austerlitz وبريسبورج Pressburg. لقد دخل عاصمته مرة أخرى مضروباً مهزوماً منهوباً. لقد أخلص له شعبه إخلاصاً لا مزيد عليه. إن الشعب النمساوي لم ير في كل الأحداث المتلاحقة طوال السنوات الثماني الآتية التي انتصر فيها الشر سوى أن حاكمهم الطيب سينتقم لا محالة من أعداء النمسا وسيستعيد كلَّ سلطانه وممتلكاته التي ورثها، وكانوا على يقين من هذا كيقينهم بأن الرب موجود.
٣ - ميترنيخ METTERNICH
لقد كان الرجلُ الذي قاد فرانسيس الثاني لهذا الإنجاز قد وُلد في كوبلنتس Coblenz (كوبلنز) على شاطئ الراين في ١٥ مايو سنة ١٧٧٣ وجرى تعميده باسم كليمنس فنزل فون ميترنيخ Klemens Wenzel Von Metternich وكان هو الابن الأكبر للأمير فرانتس (فرانز) جورج كارل فون ميترنيخ Franz Georg Karl von Metternich ممثل النمسا في بلاطات الأمراء الناخبين Electors الأمراء من (الأمراء المؤهلين لاختيار رأس الإمبراطورية) في كل من تريير Trier ومينز Mainz وكولوني Cologne . وتلقى الصبي اسميه الأوليين من أول هؤلاء الحكام الإكليريكيين ولم ينس أبداً ارتباطه الديني وولاءه خلال نزوعه لأفكار فولتير في شبابه ونزوعه لأفكار مكيافيللي عند توليه الوزارة.
وكان من أسمائه أيضاً لُوثَر لتذكير أوربا أن أحد أجداده الذين حملوا هذا الاسم حكم تريير Trier في القرن السابع عشر. وأحياناً كان يضيف إلى اسمه (فينبرج بيلشتين Winneburg Beilstein) ليشير إلى الممتلكات التي كانت الأسرة قد امتلكتها طوال ثمانية قرون وأن الخمسة والسبعين ميلا مربعاً التي امتلكتها أسرته هي مبرر كافٍ للفظ الدّال على النبالة الذي يحمله وهو (فون Von) من الواضح أن الرجل لم يُخلق ليحب الثورات أو يقودها.
تلقى تعليماً مناسباً لوضعه من معلم لقنه أفكار الحركة التنويرية الفرنسية ثم تعلم في جامعة ستراسبورج، وعندما شعر أساتذة هذه الجامعة بشيء من الرجفة لسقوط الباستيل