حتى الآن لم تكن البيولوجيا Biology (علم الأحياء) في إنجلترا تسير سيرا حسنا كسير الفيزياء والكيمياء والجغرافيا، فقد كانت هذه العلوم ذوات صلات وثيقة بالعمل على تحسين الصناعة والتجارة وتطويرهما، أما البيولوجيا فقد كانت توحي بتراجيدية (مأساوية) الحياة وبهائها وكانت تهز العقيدة الدينية.
لقد كان إرازمس داروين - جد تشارلز - قد تلقى بالفعل تقديرنا وثناءنا فقد كان شرارة وضّاءة وسط ألمعية هذا العصر الذي شهد نشر أعماله: الحديقة النباتية Botanic Garden (١٧٩٢) وعلم أصول الحياة الحيوانية Zoonomia (١٧٩٤ - ١٧٩٦) ومعبد الطبيعة The Temple of Nature (١٨٠٣) . لقد كتبت هذه الكتب جميعا من وجهة نظر تطورية. وقد اتفقت هذه الدراسات مع لامارك Lamarck في إقامة النظرية على أمل تكيف العادات والأعضاء على وفق للرغبة والمجهود والعزم فإذا ما استمر ذلك وقويت خلال أجيال كثيرة لأمكن انتقال (هذه الصفات الجديدة والمرغوب فيها) إلى العصب والجسم.
هذا الأستاذ العبقري الذي أصبح اسمه كبيرا على طول المدى عمد إلى التوفيق بين التطور والدين بافتراض "أن كل الحياة الحيوانية (بما فيها البشرية) كانت قد بدأت من مستودع لقاح حي واحد كان هو العلة الأولى الكبيرة المتضمنة لكل الكائنات الحية ثم خُلِّي سبيلها لتتحسن على وفق لنشاطها الداخلي الخاص بها، ولتسلم ما لحق بها من تطورات وتحسينات للأجيال اللاحقة جيلا بعد جيل وبلا نهاية".
لقد دخل الحوار الدائم بين الدين والعلم - رغم خفوته في هذا العصر - في مملكة (عالم) السيكولوجي psychology الذي أصبح مجالا يحظى بالرعاية في وقت من الأوقات، عندما قام هارتلي Hartley وبريستلي Priestly بإعداد تفسير فسيولوجي للربط بين الأفكار وعندما استوحى علماء التشريح - بشكل متزايد - فكرة العلاقة بين الجسد والعقل (النفس).
وفي سنة ١٨١١ نشر تشارلز بل Bell مبحثه فكرة جديدة عن تشريح المخ Anew Idea of the Anatomy of the Brain وبدأ في هذا المبحث يبرهن على أن أجزاء مخصوصة في الجهاز