بعضها الآخر يحدث تفريغ خلال الهواء الساخن في مساحة تبلغ أربع بوصات على الأقل فينتج عن هذا قوس من النور صاعد متألق … وعند إدخال أي مادة في هذا القوس الضوئي فإنها تشتعل (تحترق) فورا، فكل المواد في هذه الحال تنصهر وتتحد سواء البلاتين أو الشمع المعتاد أو الكوارتز أو الياقوت الأزرق أو الماغنسيوم أو الجير (أكسيد الكلسيوم).
إن إمكانات توليد الضوء والحرارة السابق ذكرها لم تتطور حتى تم اختراع وسائل أرخص لإنتاج التيار الكهربائي، لكن في هذه التجربة الألمعية كان أساس الأفران الكهربائية التي أحالت الليل إلى نهار لنصف سكان المعمورة.
وفي سنة ١٨١٣ ارتحل ديفي بصحبة مساعده الشاب ميشيل فاراداي Faraday عبر فرنسا وإيطاليا في وقت كانت فيه كل أوربا تقريبا تخوض الحرب، لكنه استطاع التنقل بفضل حق المرور الآمن الذي أصدره له نابليون. وراح يزور المعامل ويجرب التجارب واكتشف خواص اليود (عنصر لا فلزي) وأثبت أن الألماس هو نوع من الكربون. ولما عاد إلى إنجلترا درس أسباب إنفجارات المناجم واخترع مصباح أمان للعاملين في المناجم.
وفي سنة ١٨١٨ منحه الوصي على العرش Regent رتبة البارونتية (وهي رتبة دون البارون) وفي سنة ١٨٢٠ خلف بانكس Banks كرئيس للجمعية الملكية Royal Society. وفي سنة ١٨٢٧ بدأت صحته في التدهور فترك العلم ليمارس صيد السمك وكتب كتابا في هذا الموضوع وجعل فيه رسوم إيضاح من رسمه. وفي سنة ١٨٢٩ - وكان مصابا بشلل جزئي - ذهب إلى روما ليكون حطاما بين الخرائب أو بتعبير آخر ليكون أثرا بين الآثار لكنه مات قبل انصرام العام. إنه لم يعش سوى ١٥ سنة لكن سنواته هذه كانت تساوي حيوات كثيرة. لقد كان رجلاً عظيما طيبا وكان واحداً من البشر المخلِّصين (بتشديد اللام وكسرها) الذين عملوا على تخليصنا من الجهل والخطايا (الآثام).