ولم تكن الأنصبة توزع توزيعاً عادلاً، فكان للمدير الثلث، واستولى نجوم الممثلين على نصيب الأسد من الباقي. وترك ريتشارد بوريدج- وهو أشهر هؤلاء النجوم- أملاكاً تدر ٣٠٠ جنيه سنوياً، أما منافسه إدوارد اللين Alleyn فقد شاد وتبرع بكلية دلوتش في لندن. وكوفئ مشاهير رجال المسرح بإعجاب الجمهور الأعمى بهم، ويتهافت السيدات عليهم يخطبن ودهم.
ويروي لنا جون ماننجهام في مذكراته عن مارس ١٦٠٢ قصة مشهورة:
ذات مرة، حين مثل بوريدج "ريتشارد الثالث"، كانت هناك مواطنة قريبة الشبه به إلى حد بعيد، لدرجة أنها قبل أن تنصرف من الرواية حددت له موعداً ليحضر إليها تلك الليلة باسم ريتشارد الثالث. وكان شكسبير يسترق السمع إلى الحديث، فسبقه إليها، ولقي ترحيباً ونفذ خطته قبل حضور بوريدج. ثم جاء رسول يقول إن ريتشارد الثالث بالباب، فرد شكسبير الرسول ليقول إن وليم الفاتح سبق ريتشارد الثالث (٤٩).
[٦ - كرستوفر مارلو]
١٥٦٤ - ١٥٩٣
لم يجن كتاب المسرح من الربح قدر ما جنى الممثلون، ذلك أنهم باعوا رواياتهم دون تحفظ إلى الفرق المسرحية لقاء مبلغ يتراوح بين ٤ و٨ جنيهات، ولم يحتفظوا بحقهم في المخطوطة أي في أصل الرواية، وحظرت الفرقة عادة نشر النص لئلا تستخدمه فرقة منافسة. وسجل كاتب الاختزال الرواية أحياناً في الوقت الذي تمثل فيه. وربما أصدر صاحب المطبعة من هذا التسجيل طبعة مسروقة محرفة لا يصيب المؤلف منها إلا ضغط الدم الشديد. ولم تحمل مثل هذه الطبعات دوماً اسم المؤلف ومن ثم، فان الروايات مثل Arden Of Faversham، (١٥٩٢) عمرت عدة قرون دون أن تحمل اسم مؤلفها.
وبعد ١٥٩٠ عاش المسرح الإنجليزي على روايات لها بعض القيمة، ولو أن عدداً قليلاً منها فقط الذي عمر لأكثر من يوم. وزخرف جون ليلي ملهياته بأغان شعبية ساحرة فقد مهد السحر الرقيق في روايته Endymino لرواية "حلم منتصف ليلة صيف".