إن حكم الدولة في أثناء اضمحلالها أسهل من حكمها في إبان شبابها، ذلك أن نقص الحيوية يكاد يجعل أهلها يرحبون بالخضوع. ومصداقاً لذلك نرى فلورنس بعد أن أخضعها آل مديتشي مرة أخرى لسلطانهم (١٥٣٠) تخضع منهوكة القوى لسيطرة كلمنت السابع؛ نعم إنها ابتهجت حين قُتِل ألسندرو ده ميديتشي بيد لورندسينو Loreuzino أحد أقاربه البعيدين (١٥٣٧)؛ ولكنها لم تنتهز هذه الفرصة لإعادة الجمهورية، بل قبلت حاكماً آخر من آل ده ميديتشي راجية أن يظهر مثل ما أظهره أول رجال الأسرة من حكمة وحسن سياسة. وبجلوس هذا الحاكم انتهى من الوجهة القانونية فرع الحكام المنحدرين مباشرة من كوزيمو أبي الوطن، لأن الحاكم الجديد من أبناء أخ لكوزيمو هذا أكبر منه يسمى أيضاً لورندسو (١٣٩٣ - ١٤٤٠). وكان جوتشيارديني هو الذي رفع هذا الحاكم الجديد إلى العرش وهو في الثامنة عشرة من عمره راجياً أن يكون هو القوة المحركة من خلفه. غير أنه نسي أن الميديتشي الشاب هو ابن جيوفني دل باندي نيري وحفيد كترينا اسفوردسا، وإن دماء جيلين من ذوي البأس الشديد تجري في عروقه وأمسك كوزيمو بيديه أزمة الأمور وظل قابضاً عليها بقوة سبعة وعشرين عاماً.
وكان في خلقه كما كان في حكمه يجمع بين الشر والخير. فكان صارماً قاسياً إلى الحد الذي تمليه عليه السياسة غير العاطفية؛ فلم يكن يشغل نفسه كما كان غيره من آل ميديتشي الأولين يشغلون أنفسهم بالمحافظة على مظاهر