بينما كان تيمليون يعد إلى الديمقراطية أنفاسها الأخيرة في صقلية القديمة، كان فليب يقضي عليها في أرض اليونان القارية. لقد كانت مقدونية حين اعتلى فليب العرش عام ٣٥٩ لا تزال في الأغلب الأعم بلاد همجية يسكنها أقوام أشداء جبليون وذلك رغم كرم أركلوس وثقافته العالية؛ والحق أنها وإن استخدمت اليونانية لغة رسمية لها لم تفد الحياة اليونانية طوال تاريخها بمؤلف أو فنان أو فيلسوف واحد.
وكان فليب قد أقام ثلاث سنين مع أقارب إباميننداس في طيبة فاستقى منه قدراً متوسطاً من الثقافة وقدراً عظيماً من الأفكار الحربية. وكان يتصف بجميع الفضائل عدا فضائل الحضارة، وكان قوي الجسم والإرادة، مولعاً بالرياضة البدنية، وسيماً؛ وجملة القول أنه كان حيواناً عظيماً، يحاول بين الفينة والفينة أن يكون أثينياً مهذباً. وكان كابنه الشهير ذا مزاج حاد عنيف وكرم فائق، مولعاً بالحرب إلى حد كبير وبالشرب إلى حد أكبر. وكان يختلف عن الإسكندر في مرحه وميله إلى الضحك، ولَّى أحد الأرقاء منصباً كبيراً لأنه أدخل على قلبه السرور. وكان يحب الغلمان كثيراً، ولكنه يحب النساء أكثر منهم، وتزوج أكبر عدد استطاعه منهن، وحاول وقتاً ما أن يقتصر على زوجة واحدة هي أولمبياس الأميرة المولوسية Molossian الجميلة التي كانت تعيش على الفطرة والتي ولدت له الإسكندر، ولكنه لم يلبث أن مال إلى غيرها، فأخذت أولمبياس تدبر الانتقام منه إلى نفسها. وكان أحب الناس إليه أشداء الرجال الذين يجازفون بأرواحهم طوال النهار، ويقامرون معه وينادمونه على الشراب إلى نصف الليل. وكان (إلى ما قبل