"أورفيو والسست". وفي ١٥ نوفمبر ١٧٨٧ بينما كان يستضيف جماعة من أصدقائه تعاطى في جرعة واحدة قدحاً من مسكر قوي كان محظوراً عليه. وأصابته تشنجات لم تمهله غير ساعات. وحاول بتشيني وهو في نابلي دون جدوى جمع المال لإحياء حفلات موسيقية سنوية تذكاراً لمنافسه (٢٤). ذلك أن إيطاليا التي كانت تحبذ الميلوديا لم تأبه بإصلاحات جلوك: ونهج موتسارت نهج الإيطاليين، ولابد أنه صعق لفكرة تسخير الموسيقى للشعر. أما هردر الذي جاء في ختام هذه الفترة الخلاقة والذي رجع البصر إليها بمعرفة محدودة بباخ وهايدن وموتسارت فقد وصف جلوك بأنه أعظم ملحني القرن قاطبة (٢٥).
[٢ - يوزف هايدن]
١٧٣٢ - ١٨٠٩
من الأيسر علينا أن نحب هايدن، فهاهنا رجل لم يتشاجر مع إنسان غير زوجته، رجل يشيد بمنافسيه كأنهم أصدقاؤه، رجل أشرب موسيقاه بالمرح، وكان بمزاجه الفطري عاجزاً عن المأساة.
ولم يحبه الحظ شرف المولد. فقد كان أبوه صانع عربات ونقاشاً في روراو، وهي مدينة صغيرة على الحدود بين النمسا والمجر. أما أمه فكانت طاهية لأشراف هاراش وكان أبواه كلاهما من أصل سلافي كرواتي لا ألماني. وكثير من ألحان هايدن تردد صدى الأغاني الكرواتية. وكان الثاني بين اثني عشر طفلاً مات ستة منهم في مستهل طفولتهم. وقد عمد باسم فرانتس يوزف هايدن، ولكن كان من المألوف يومها أن ينادى الأطفال باسمهم الثاني.
فلما ناهز السادسة أرسل ليعيش مع قرب يدعى يوهان ماتياس فرانك، صاحب مدرسة في هاينبورج. هناك كان يومه يبدأ بدروس في الفصل من الساعة السابعة إلى العاشرة، ويلي القداس، ثم الرجوع للبيت لتناول الغداء، ثم دروس من الثانية عشرة إلى الثالثة، ثم دروس في الموسيقى. وقد درب على التدين ولم يفقده قط. وكانت أمه تتوق إلى