ترى أي طراز من الرجال وأي نوع من الحضارة أنتجهما هذا القانون؟ فأما الرجال فكانوا أقوياء الأجسام ألفوا المشاق والحرمان. وقد قال عنهم أحد السيباريين Sybarites المترفين إن الإسبارطيين "لا يمدحون على استعدادهم للموت في ميدان القتال لأن موتهم هذا ينجيهم من كثير من العمل الشاق ومن الحياة البائسة"(٧٢). وكانت صحة الجسم من الفضائل الرئيسية في إسبارطة، كما كان المرض جريمة فيها؛ وما من شك في أن أفلاطون قد سره أن يجد بلاداً خالية من الدواء ومن الدمقراطية. وكان الإسبارطي شجاعاً؛ وما من أحد من الناس غير الرومان يضارعه في ثبات جنانه وفي انتصاره في الحروب؛ وليس أدل على ذلك من أن بلاد اليونان كلها لم تكد تصدق أن الإسبارطيين قد استسلموا لأعدائهم في اسفكتيريا Sphacteria؛ ذلك أنه لم يسمع عنهم من قبل أنهم لم يحاربوا إلى آخر رجل فيهم، وحتى الجندي الإسبارطي العادي كان يفضل الانتحار على الحياة بعد الهزيمة (٧٣). ولما وصلت إلى آذان الإفورين أنباء هزيمة الإسبارطيين المنكرة في لوكتر Leuctra- وكانت هزيمة ماحقة اختتم بها في واقع الأمر تاريخ إسبارطة- وكانوا وقتئذ على رأس الألعاب الجمنوبودية، لم ينطقوا بكلمة واحدة. وكل ما فعلوه أن أضافوا إلى سجل الموتى المقدسين الذين نالوا شرف الموت في الألعاب أسماء القتلى الجدد. وكان من الصفات العادية التي يتصف بها كل مواطن إسبارطي، والتي كان يكتب عنها الأثينيون ولكنهم قلما كانوا يتحلون بها، كان من هذه الصفات ضبط النفس، والاعتدال والهدوء، والثبات في السراء والضراء.
وإذا كانت إطاعة القانون فضيلة فقد كان الإسبارطي يفوق في هذه الفضيلة سائر الناس. وفي ذلك يقول الطبيب دمراتوس Demaratus