من بروسيا. لقد كان يحاول أن يجد طريقا لتحسين الطبيعة البشرية التي فعلت الكثير في التاريخ بجوانبها الخيرة والشريرة. وعلى أية حال فقد كان حلمه هذا حلما نبيلا شديد الثقة - ربما - في سلطان التعليم وقدرته على تغيير الصفات الوراثية والموروثات، كما أنه يفتح الباب - وهذا يدعو للحزن - لإساءة فهمه وإساءة استخدامه من قبل النظم الحكومية السلطوية، لكن فيشته قال:"لن أفقد الأمل ما حييت في أن أقنع بعض الألمان .... بأن التعليم وحده هو السبيل الوحيد لإنقاذنا".
لقد ضعفت صحة فيشته لهروبه المصحوب بالمخاطر من إرلانجن Erlangen إلى كونيجسبرج Konigsberg إلى كوبنهاجن إلى برلين، فبعد إكماله (خطابات إلى الأمة بوقت قصير) انهارت صحته، فذهب إلى تبليتز Teplitz وفيها استعاد صحته نسبيا وفي ١٨١٠ عين رئيسا لجامعة برلين الجديدة، وعندما بدأت بروسيا حرب التحرير حث فيشته طلبته بحماس بالغ على طرد المحتل حتى إن كلهم تقريبا دخلوا الجندية. وتطوعت زوجة فيشته للعمل كممرضة وأصيبت بالحمى فراح يعتني بها نهارا ويلقي محاضراته في الجامعة مساء وانتقلت إليه العدوى منها، فعاشت هي، ومات في ٢٧ يناير ١٨١٤. وبعد ذلك بخمس سنوات ماتت فدفنت إلى جواره على وفق العادة الطيبة القديمة في الدفن التي تسمح للعاشقين والزوجين أن يدفنا متجاورين رمزا لأنهما أصبحا بعد الموت كيانا واحدا (حتى لو لم يجتمع منهما سوى الشعر والعظام)
٢ - شيلنج SCHELLING: من ١٧٧٥ إلى ١٨٥٤ م
رغم أن فيشته اعترف بوجود عالم خارجي (عالم خارج الأنا) إلا أن فلسفته كانت غالبا ما تتحاشى ذكره (أي ذكر هذا الوجود خارج الذات) إلا من خلال مروره (وتنقيته) من خلال الإدراك (البشري). أما فريدريش فيلهلم جوزيف فون شيلنج فرغم حرف الجر (Von) الدال على أرستقراطيته، فقد كان - بالفعل - قد قبل الطبيعة nature ووحدها مع العقل في كيان مشترك يكون الله أو بتعبير آخر كان الله عنده هو الطبيعة والعقل مندمجين في كل واحد.