دعواه في أن يحكم ديانتهم. وحدد المجلس حقوقه في إغفال جريء لألوهية جيمس، أو حقوقه الإلهية. وأعلن أنه له القول الفصل في صحة انتخاب أعضائه. وطالب بحرية الكلام، وحصانة أعضائه ضد القبض عليهم في أثناء انعقاده، وأثبت أنه بغير هذا لا يكون للبرلمان أي معنى أو قيمة. واقترح أن يتولى التشريع في المسائل الدينية، وأنكر سلطة الملك في الفصل في مثل هذه المسائل دون موافقة البرلمان. على أن الأساقفة الأنجليكانيين على أية حال طالبوا بحث المجمع الكنسي الأنجليكاني في الفصل في الأمور الكنسية، على أن تخضع قراراته لموافقة الملك. وأبلغ رئيس مجلس العموم جيمس أنه ليس للملك أن يسن قانوناً، ولكن يستطيع فقط أن يعتمد أو يرفض أي قانون يجيزه البرلمان. وأعلن المجلس في يونية ١٦٠٤:"أن امتيازاتنا وحرياتنا هي حقوقنا وتراثنا القانوني … وليست بحال من الأحوال أقل شأناً من أراضينا ومتاعنا … ولا يمكن انتزاعها منا، دون أن يكون في ذلك إساءة صارخة إلى المملكة بأسرها (٢١) ".
وهكذا نسجت خيوط النزاع التاريخي بين "حقوق" الملك و "امتيازات" البرلمان، هذا النزاع الذي قدر له أن يخلق ديموقراطية إنجلترا، بعد مائة من السنين توالت فيها الانتصارات والهزائم.
[٣ - مؤامرة البارود]
١٦٠٥
وفوق الصراع الاقتصادي والسياسي استعرت نار الحرب الدينية، ضاربة فيه بجذور عميقة. وكانت معظم النشرات التي سممت جو، عبارة عن حملات عنيفة شنها البيوريتانيون على الأساقفة والطقوس الأنجيليكانية، أو الأنجيليكانيون على صرامة البيوريتانيين وعندهم، أو شنها هؤلاء وهؤلاء على مؤامرات الكاثوليك لإعادة إنجلترا إلى حظيرة البابوية. ولم يقدر جيمس فظاعة هذه البغضاء، وكان يحلم "بوفاق شبه ودي" بين البيوريتانيين والأنجليكانيين، ولهذا الغرض دعا زعماء الفريقين إلى مؤتمر في "هامبتون كورت"(١٤ يناير ١٦٠٤). ورأس هو الاجتماع، وكأنه "قسطنطين آخر"، وأدهش الطرفين كليهما بعلمه اللاهوتي