صفوف الأعمدة الكاملة الطويلة، وفي حليات العقود والمثلثات المحصورة بينها من فسيفساء زاهية (من القرن السابع)، وما في موضع المرنمين من لوحات جميلة من المصيص، وما في الصليب القائم في القبا من الجواهر مرصعة بها أرضية من النجوم في الفسيفساء، إن في هذا كله ما يجعل هذه الكنيسة من أشهر كنائس شبه الجزيرة التي تكون كلها معرضاً عظيماً الفنون الجميلة.
[٥ - الفنون البيزنطية]
لقد كان فن العمارة أروع ما خلفه الفنان البيزنطي، ولكنه كان في ثناياه أو من حوله فنون أخرى كثيرة نبغ فيها نبوغاً خليقاً بالتنويه. نعم إنه لم يكن يعنى بالنحت المجسم، وأن مزاج العصر كان يفضل الألوان على الخطوط، ولكن بروكبيوس يثني على المثالين في ذلك العصر، وأكبر الظن أنه يعني بهم أصحاب النقش البارز، ويقول إنهم لا يقولون مهارة عن فدياس وبركستليز، وإنا لنجد على بعض التوابيت الحجرية المصنوعة في القرن الرابع والخامس والسادس صوراً آدمية منحوتة تكاد تضارع الرشاقة الهلينية، مختلطة بها كثير من نقوش الزينة الآسيوية. وكان النقش على العاج من الفنون المحببة إلى البيزنطيين، وكانوا يصنعون منه ألواحاً ذات طيتين أو ثلاث طيات، ويجلدون به الكتب، ويصنعون منه العلب، وصناديق العطور، والتماثيل الصغيرة، ويطعمون به التحف ويزينون به ما لا يحصى من الأشياء. وقد بقيت الفنون الهلنستية في هذه الصناعة لم يمسها سوء، وكل ما حدث فيها أنها استبدلت المسيح والقديسين بالآلهة والأبطال. وإن الكرسي العاجي الذي كان يجلس عليه الأسقف مكسميان في الباسلقا أرسيا Basilica Ursiana (حوالي ٥٥٠) ليعد تحفة عظيمة في فن من الفنون الصغرى.
وبينا كان الشرق يجري التجارب على الرسم بألوان الزيت (٤٠)،