ذلك أبوابه ثانية لعبقري فرنسا (موليير)، فإن باكورة تمثيلياته Les Pr (cieuses Ridicules ( المتحذلقات المضحكات)(١٦٥٩) كانت ضربة قاضية عليه. وطوى أول الصالونات المشهورة بموت مؤسسته في ١٦٦٥.
وواصلت هذا التقليد صالونات أخرى، في بيوت السيدات دلا سابليير، ودلامبير، ودسكوديري- وآخرهن أشهر كتاب الرواية في هذا العصر، وأولاهن امرأة جذبت الرجال بحسنها رغم حبها للفيزياء، والفلك، والرياضة، والفلسفة. في صالونات كهذه زكت النساء العالمات Femmes Savantes اللائي أثرن سخرية موليير في ١٦٧٢. ولكن كل هجاء ليس إلا نصف الحقيقة، ولعل موليير في لحظاته الفلسفية كان يقر بحق النساء في أن يشاركن في حياة جيلهن الفكرية. فنساء فرنسا، أكثر حتى كم كتابها وفنانيها، هن تاج حضارتها، والمفخرة العظمى لتاريخها.
[٦ - بلاط الملك]
لقد عاون الملك وبلاطه على تحضير فرنسا. وفي ١٦٦٤ كان البلاط يضم نحو ستمائة شخص: الأسرة المالكة، وكبار النبلاء، والمبعوثين الأجانب، والخدم والحشم. وقد زاد العدد في أوج اكتمال فرساي إلى عشرة آلاف من الأنفس (٩١)، ولكن هذا العدد شمل الأعيان الذين اختلفوا إلى القصر بين الحين والحين، وجميع المرفهين والأتباع، والفنانين والمؤلفين الذين وقع عليهم اختيار الملك ليكافئهم. وأصبحت الدعوة إلى البلاط شهوة لا تفوقها غير شهوة الطعام والجنس، لا بل إن قضاء يوم واحد فيه كان نشوة لا تنسى، جديرة بأن يبذل في سبيلها نصف مدخرات العمر.
وبعض السر في بهاء البلاط كان في الأثاث المترف الذي ازدانت به الغرف، وبعضه في لباس الحاشية، وبعضه في حفلات الترفيه البالغة الفخامة، وبعضه في جمال النساء وصيت الرجال الذين اجتذبهم بريق المال، والشهرة، والسلطان. ومن النساء الشهيرات- كالسيدتين دسفينيه ودلافاييت- من لم يختلفن