باعتبارها تنظيما للقوة - المجتمع القروي - الأركان النفسية للدولة
يقول نيتشه:"أن جماعة من الوحوش الكواسر شقراء البشرة، جماعة من الغزاة السادة، بكل ما لها من أنظمة حربية وقوة منظمة، تنقض بمخالبها المخيفة على طائفة كبيرة من الناس، ربما فاقتها من حيث العدد إلى حد بعيد، لكنها لم تخذ بعد نظاما يحدد أوضاعها … ذلك هو أصل الدولة"(٨)، ويقول "لستر وورد" Lester Ward: " تبدأ الدولة - باعتبارها مختلفة عن النظام القبلي - بأن يغزو جنس من الناس جنسا آخر"(٩)؛ ويقول "أوبنهيمر" Oppenheimer: " إنك لترى أينما وجهت البصر قبيلة مقاتلة تعتدي على حدود قبيلة أخرى أقل منها استعدادا للقتال، ثم تستقر في أرضها مكونة جماعة الأشراف فيها، ومؤسسة لها الدولة"(١٠)؛ ويقول "تاتسنهوفر" Tatzenhofer " العنف هو الأداة التي خلقت الدولة"(١١) ويقول "جمبلوفتش" Gumplawiez إن الدولة نتيجة الغزو، هي قيام الظافرين طبقة حاكمة على المهزومين (١٢). ويقول "سمنر" Sumner " إن الدولة نتيجة القوة وهي تظل قائمة بسند من القوة"(١٣).
وهذا الإخضاع العنيف إنما يقع عادة على جماعة زراعية مستقرة، من قبيلة من الصائدين والرعاة (١٤) لأن الزراعة تعلم الناس الأساليب المسالمة، وتروضهم على حياة رتيبة لا يختلف يومها عن أمسها، وتنهكهم بيوم طويل من عمل مجهد؛ مثل هؤلاء الناس يجمعون ثروة، لكنهم ينسون فنون الحرب ومشاعرها؛ أما الصائد وأما الراعي، وقد ألفا الخطر ومهرا في القتل، فإنهما ينظران إلى الحرب