وكان اختيار المجمع المقدس هو الاختيار الذي يريده الشعب. ولم يحدث أن كان ابتهاج الناس بانتخاب البابا مماثلاً لابتهاجهم في هذه المرة (١٤)، كما كان تتويج واحد من البابوات أفخم من تتويجه. لقد ابتهج الشعب بالموكب الفخم المؤلف من الخيول البيضاء، والأشخاص الرمزيين، والسجف المنقوشة، والصور الملونة، والفرسان، والعظماء، والجنود الرماة، والخيالة الأتراك، والقساوسة السبعمائة، والكرادلة في أثوابهم ذات الألوان الزاهية، وأخيراً بالإسكندر نفسه، وهو في الواحدة والستين من العمر، ولكنه رائع المنظر، منتصب طويل القامة، يفيض صحةً ونشاطاً وكبرياءً. "رصين الوجه مهيب الطلعة" كما يصفه شاهد عيان (١٥)، يبدو كأنه إمبراطور حتى وهو يبارك الجموع المحتشدة. ولم يكن أحد غير عدد قليل من ذوي الأصالة أمثال جوليانو دلا روفيري وجيوفني ده ميديتشي يبدي مخاوفه من أن يستخدم البابا الجديد، المعروف بأنه أب مغرم بأبنائه، سلطانه في رفع شأن أسرته بدل أن يستخدمه في تطهير الكنيسة وتقويتها.
وبدأ أعماله بداية حسنة. فقد حدثت في روما في الستة والثلاثين يوماً بين موت إنوسنت وتتويج الإسكندر مائتان وعشرون من حوادث الاغتيال التي عرفت. ولكن البابا الجديد ضرب المثل بأول قاتل قبض عليه؛ فقد شنق هذا المجرم، وشنق معه أخوه، وهدم بيته، وارتضت المدينة هذه القسوة، وأخفت الجريمة رأسها؛ وعاد النظام إلى روما، وأبتهجت إيطاليا كلها إذ وجدت يداً قوية تقبض على أزمة الشئون (١٦).
وكان الأدب والفن يترقبان من يأخذ بناصرهما. وقد وجدا في الإسكندر