اضمحلت فلاندرز الجنوبية فترة من الزمن بعد فيليب الطيب، ودفعت الاضطرابات السياسية بكثير من النساجين إلى إنجلترا، وكانت صناعة النسيج البريطانية النامية تحصل على تجارتها ومواردها الخامة من المدن الفلمنكية، وما أن جاء عام ١٥٢٠، حتى أصبح النسيج الإنجليزي يزحم أسواق فلاندرز نفسها. وازدهرت بروكسل وميشلن، وفالنسين بالتفوق في صناعة الشرائط والسجاجيد والفرش والحلي، ونامور بفضل صناعة الجلود، ولوفان بفضل جامعتها وجعتها. وحوالي عام ١٤٨٠، بدأت القناة التي تصل بروجس بالبحر ترسب الطمي في مجراها، وبذلت جهود جبارة لتطهيرها، وقضت الرمال والرياح على هذه الجهود، ولم تعد السفن التي تمخر عباب البحر، تستطيع الوصول إلى بروجس بعد عام ١٤٦٤. وسرعان ما هجر تجارتها، ثم صناعها المدينة إلى أنتورب، التي كانت السفن ذوات الغطس الكبير، تدخلها عن طريق مصب نهر شلد. وعقدت أنتورب اتفاقيات مع المصدرين الإنجليز، وشاركت كاليه في تجارة إنجلترا مع القارة الأوربية.
ولقد بقيت الحياة في هولندة بفضل السدود، التي ينبغي أن يعاد بناؤها مراراً، وقد تنهار في أي وقت، ولقد اختل بعضها عام ١٤٧٠ فأغرق عشرين ألفاً من السكان. وكانت الصناعة الرئيسية الوحيدة هي صيد سمك الرنجة وتجفيفها. وأخرجت هولندة كثيرين من أشهر المصورين في ذلك العصر، ولكنها كانت أفقر من أن تحتفظ بهم، فهاجروا جميعاً إلى فلاندرز ما عدا جيرتجن الذي شرب نحب سنت جانز.
وهناك، حتى في المدينة الآفلة، كان الأغنياء من نواب المقاطعات يرتدون الملابس الفاخرة، ويسكنون بيوتاً من الآجر المتين بها أساس فخم-علقوا