الحكومة أثماناً فادحة (١٢٣). وكانت الاعتمادات التي يقرها البرلمان للجيوش أو الأسطول يتحول جزء منها إلى جيوب الموظفين ورجال البلاط. وباع موظفي الدولة -حتى ولو كانت رواتبهم كافية تدفع بانتظام- الألقاب والعقود والبراءات والتعيينات وأوامر العفو، إلى حد بات معه الراتب الأصلي يشكل الجزء الأصغر مما يدخل إلى جيوبهم (١٢٤) ". وأثري كبار رجال الحكومة مثل كلارندون ودانبي وسندرلند -أثروا في سنوات قليلة واشتروا أو بنوا ضياعاً لا تتناسب قط مع رواتبهم. وباع أعضاء البرلمان أصواتهم للوزراء، بل حتى للحكومات الأجنبية (١٢٥) وفي القرارات انتزع مائتا عضو من صفوف المعارضة، نتيجة لأن الوزراء اشتروا أصواتهم (١٢٦). وفي ١٦٧٥ قدر أن ثلثي أعضاء مجلس العموم كانوا مأجورين من قبل شارل الثاني، والثلث الباقي من قبل لويس الرابع عشر (١٢٧) حيث وجد العاهل الفرنسي أنه من الميسور أن يرشوا الأعضاء ليصوتوا ضد شارل إذا حاد بشكل مزعج عن سياسة البوربون. أما شارل نفسه فكم من مرة تسلم أموال طائلة من لويس، حتى يلتزم الدوران في فلك فرنسا في السياسة أو الدين أو الحرب، وهكذا كان المجتمع الإنجليزي أكثر المجتمعات استهتاراً وفساداً في التاريخ.
[٦ - العادات]
حاولت العادات أو أساليب الحياة هنا أن تعوض عن النقص في الآداب -كما في فرنسا-، وأن تضفي كياسة متكلفة على الملابس المزركشة الأنيقة والأدب الفاجر، والحديث الدنس. وكان شارل نفسه مثلاً لأسلوب الحياة وتسرب إلى الطبقات العليا ما تجمل به الملك من ظرف ولطف ومجاملة وسحر وفتنة، وترك كل أولئك بصماته على الحياة في إنجلترا. فتبادل الرجال القبلات عند اللقاء. وقبلوا يد المرأة إذا قدموا إليها. وفي لندن -كما كان في باريس- استقبلت السيدات الرجال في الفراش، فكان هناك صراحة