اقترب عيد الفصح واجتمع في أورشليم عدد كبير من اليهود ليقربوا القرابين للهيكل. وكان البهو الخارجي يضج بأصوات البائعين ينادون على الحمام وغيره من حيوانات الضحايا والصيارفة يعرضون النقود المتداولة في هذا المكان بدل نقود الوثنيين المتداولة في الإمبراطوريّة الرومانية. ولما زار عيسى الهيكل في اليوم الثاني بعد دخوله المدينة هاله ما كان تحت المظلات من ضجيج وأعمال تجارية، فانتابته هو وأتباعه نوبة من الغضب الشديد، دفعتهم إلى قلب مناضد الصيارفة وتجّار الحمام، وبعثرت نقودهم على الأرض، وإخراج التجار من ساحته بضرب العصى. وظل عدة أيام بعد مجيئه يعلم في الهيكل دون أن يتعرض له أحد (١٢٢). ولكنه كان يخرج منه ليلاً ويبيت في جبل الزيتون لخوفه أن يُقبض عليه أو يُغتال.
وكان عمال الحكومة - المدنيون منهم والدينيون، الرومان واليهود - يراقبونه، وأكبر الظن أن هذه المراقبة قد بدأت من يوم أن خلف يوحنا المعمدان في عودته. وكان عجزه عن أن يضم إليه عددا كبيراً من الأتباع مما جعلهم يهملون أمره، ولكن يبدو أن الاستقبال الحماسي الذي استقبل به في أورشليم حير زعماء اليهود فصاروا يخشون أن تلتهب حماسة هذه الجماعات التي اجتمعت في عيد الفصح، فتدفعها عواطفها الثائرة ونزعتها الوطنية إلى الثورة على السلطة الرومانية ثورة طائشة عقيمة لم يحن موعدها بعد، فتكون عاقبتها القضاء على كل ما تستمتع به اليهودية من حكم ذاتي وحرية دينية. ومن أجل هذا دعا الحاخام الأكبر السنهدريين إلى الاجتماع.