كانت القوة الثانية من قوى الكنيسة التي تلي تحديد الدين هي عملها في أداء الأسرار المقدسة- أي الشعائر التي ترمز إلى منح البركة الإلهية. ويقول القديس أوغسطين في هذا:"لا يستطيع الناس في دين من الأديان أن يرتبط بعضهم ببعض إلا إذا اجتمعوا في نوع من الزمالة عن طريق رموز أو شعائر يرونها رأي العين"(٥٦). ويكاد اللفظ اللاتيني الذي يعبر عن هذه الأسرار المقدسة وهو لفظ Sacramentum ينطبق في القرن الرابع الميلادي على كل شيء مقدس- على التعميد، وعلى الصليب، والصلاة، وأطلقه أوغسطين في القرن الخامس على الاحتفال بعيد القيامة، ثم قصره إزدور الأشبيلي Isidore of Seville القرن السابع على التعميد وتثبيت العماد، والقربان المقدس. فلما كان الثاني عشر حددت الأسرار المقدسة بسبعة أسرار: التعميد، وتثبيت العماد، والكفارة، والقربان المقدس، والزواج، ورتبة الكهنوت، والمسح بالزيت قبيل الوفاة. أما الشعائر الصغرى التي تمنح البركة الإلهية كالرش بالماء المقدس أو علامة الصليب- فلم تكن من هذه الأسرار وسميت sacramentals أي المتعلقة بتلك الأسرار تمييزاً لها عن الأسرار الأصيلة.
وكان التعميد أهم تلك الأسرار كلها، وكان يهدف إلى غرضين: محو الخطيئة الأولى، بحيث يولد الشخص مولداً جديداً يستقبل على أثره في حظيرة الدين المسيحي. وكان المفروض أن يطلق الأبوان على طفلهما في هذا الحفل اسم أحد القديسين، ليكون هذا القديس المستقبل شفيع الطفل، وأنموذجه، وحاميه، وهذا هو "اسمه المسيحي" أو الخاص. وقبل أن يحل القرن