ضوء الشمس (١). ويؤدي إلى داخل القصر مدخل ذو عمد ينام فيه العبيد والزائرون في كثير من الأحيان، أما داخل القصر نفسه فكان يحتوي على حجرة للانتظار تؤدي إلى بهو أوسط يستند إلى عمد يصل إليه الضوء من قمته في السقف، وفي بعض الأحيان من فتحة أخرى بين طنف البناء وعوارضه التي فوق الأعمدة. وكانت مجامر نحاسية مستقرة على قواعد عالية تضيء البيت إضاءة مضطربة غير مستقرة. وكان في وسط البهو مدفأة الدار تجتمع الأسرة حول نارها المقدسة أثناء الليل للدفء والطرب، وللتحدث عن أخبار الجيران، وعناد الأطفال، وتقلبات الأيام.
[٥ - الدولة]
ترى كيف كان هؤلاء الآخيون الأشداء السريعو الانفعال يُحكمون؟ لقد كانوا في السلم تحكمهم الأسرة وفي الأزمات تحكمهم العشيرة. والعشيرة جماعة من الناس ينتسبون إلى أصل واحد ويدينون بالطاعة إلى رئيس واحد، وحصن هذا الرئيس هو منشأ المدينة ومركزها، حتى إذا ما أصبح سلطانه سنة متبعة وشريعة معترفاً بها، تجمعت حول هذا الحصن عشيرة بعد عشيرة حتى يتكون من مجموعها مجتمع سياسي من ذوي القربى. وإذا تطلب الرئيس عملاً إجماعياً من عشيرته أو مدينته دعا أحرارها الذكور إلى اجتماع عام وعرض عليهم اقتراحاً قد يقبلونه وقد يرفضونه، ولكن أعظم الأعضاء شأناً هم الذين يستطيعون أن يقترحوا تغييره. ولقد كانت هذه الجمعية القروية العنصر الديمقراطي الوحيد في هذا المجتمع الأرستقراطي الإقطاعي، وكان أعظم أعضائها فائدة للدولة أفصحهم لساناً وأقدرهم على التأثير في عامة الشعب. وإنا لنشهد منذ ذلك الوقت البعيد في الشيخ نسطور الذي "يسيل صوته من لسانه أحلى من الشهد (٦٢) "، وفي أوديسيوس المخاتل الذي تقع
(١) يموت أرجوس من فرط الطرب حين يرى سيده بعد أن غاب عنه عشرين عام.