رضى الدين عن الألعاب وعدها الصور الصحيحة للاحتفالات الدينية، ولذلك كانت تبدأ بمواكب فخمة وقورة، وكان الكهنة والعذارى الفستية يحتلون أماكن الشرف في دور التمثيل، وفي مضامير السباق وأمام المجتلد، وكان الإمبراطور الذي يرأس هذه الاحتفالات هو الكاهن الأكبر لدين الدولة.
وقد بذل أغسطس وخلفاؤه كل ما وسعهم من جهد ليعيدوا الحياة إلى الدين القديم، إلا عنصراً من عناصره وهو الحياة الأخلاقية الفاضلة؛ وحتى أشد الأباطرة كفراً بهذا الدين أمثال كلجيولا ونيرون كانوا يؤدون جميع المراسم والطقوس الواجبة للآلهة الرسمية، وظل اللوبرسي يرقصون في الشوارع في يوم عيدهم، كما ظل إخوان أرفال Arval ينطقون بالدعوات والصلوات للمريخ بلغة لاتينية قديمة لا يفهم أحد معناها. وكان التنبؤ بالغيب وزجر الطير من الأعمال التي لا ينقطع الناس عن ممارستها والثقة العظيمة بها، وكان الأباطرة الذين يخرجون المنجمين من البلاد يستشيرونهم في مهام الأمور. وأدخل السحر والشعوذة والخرافات والأوهام الباطلة، والرقي، والتعاويذ، والتفاؤل، والتطير، وتفسير الأحلام في نسيج الحياة الرومانية حتى أصبحت لحمتها وسداها، وكان أغسطس يدرس أحلامه دراسة جدية لا تقل عن دراسة علماء النفس في هذه الأيام؛ ويحدثنا سنكا أنه شاهد بعينيه نساء يجلسن على درج الكبتول ينتظرن أن يستمتع بهن جوبتر لأنهن رأين في أحلامهن أن الإله راغب فيهن (١٢٣). وكان كل قنصل يحتفل بتقلده منصبه احتفالاً يضحي فيه بعدد من العجول؛ وحتى جوفنال نفسه، وهو الذي كان يسخر بكل ما عدا هذه الأعمال،